لا توجد مشكلة ديمغرافية
|
|
قنصل سابق في الولايات المتحدة
في العقد الماضي الاخير نجحت المؤسسة الديمغرافية في أن تعدي المؤسسة الاعلامية والسياسية بالشؤم الديمغرافي واقناعها وكأن اليهود محكوم عليهم بان يصبحوا أقلية بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط، وكأنه ينبغي التخلي عن الارض من اجل انقاذ الديغرافيا. في الشرق الاوسط، هذا الشؤم وصفة للضياع. ولكن ماذا اذا كان الشؤم الديمغرافي – والسياسة النابعة منه – يستندان الى معطيات عديمة الاساس؟ ماذا اذا كانت المشكلة الديمغرافية ليست فتاكة والزخم الديمغرافي يهودي وليس عربيا؟
وبالفعل، فان "فريق البحث الامريكي – الاسرائيلي للدراسات الديمغرافية" الذي أصدر نتائج عمله "مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية"، يوثق لاول مرة بان 1.3 مليون فلسطيني – الذين يفترض انهم في الضفة وفي غزة حسب معطيات "مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني" – لا يوجدون في اراضي السلطة. عدد عرب الضفة مضخم بـ 70 في المائة وعدد عرب الضفة وغزة بأكثر من 50 في المائة. اغلبية يهودية متماسكة وبعيدة المدى بمعدل 67 في المائة موجودة بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط بدون غزة، واغلبية 60 في المائة مع غزة، بالقياس الى أقلية يهودية بمعدل 33 في المائة في العام 1947 و 8 في المائة في العام 1900. ويكشف فريق البحث النقاب عن أن المؤسسة الديمغرافية في اسرائيل تبنت معطيات مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني دون فحص، رغم أنها تدحض كل سنة من خلال توثيق المواليد، الوفيات والهجرة. ومن اجل تبني معطيات المكتب الفلسطيني ينبغي التصديق بان معدلات النمو السكاني الفلسطيني هي ضعف (!) المعدلات في اربعة دول رائدة في العالم – افغانستان، الصومال، اريتريا ونيجيريا.
فريق البحث يكشف عن نقاط خلل جذرية في معطيات مكتب الاحصاء الفلسطيني والاستخدام السائب لها من قبل المؤسسة الديمغرافية في اسرائيل. فمثلا المؤسسة الديمغرافية لم تحذر من أن معطيات المكتب الفلسطيني تتضمن نحو 400 الف ماكث في خارج البلاد لاكثر من سنة (خلافا للقواعد الدارجة في العالم) واكثر من 200 الف عربي مقدسي اصحاب بطاقات هوية اسرائيلية، الذين يحصون مرتين (ايضا كعرب "الخط الاخضر"). اكثر من 300 الف طفل من المتوقع ان يولدوا حسب توقعات المكتب الفلسطيني، لم يولدوا أبدا حسب توثيق وزارتي الصحة والتعليم الفلسطينيتين. نحو 300 الف مهاجر فلسطيني يوجدون في معطيات المكتب الفلسطيني لم يصلوا ابدا الى السلطة الفلسطينية، ونحو 100 الف هاجروا من السلطة الفلسطينية ولكنهم لم يشطبوا من احصاءات المكتب الفلسطيني، حسب توثيق شرطة الحدود والمراقبين الاوروبيين في المعابر الدولية. المؤسسة الديمغرافية لم تفحص، لم تعرف ولم تُبلغ.
خلافا لتوقعات المؤسسة الديمغرافية، فان نصيب الولادات اليهودية من اجمالي الولادات السنوية في "الخط الاخضر" ارتفع من 69 في المائة في العام 1995 الى 74 في المائة في العام 2006 والى 75.5 في المائة في الثلث الاول من العام 2007. فارق الخصوبة العربية – اليهودية الذي كان ست اطفال للمرأة في الستينيات تقليص الى 0.8 طفل في 2006/2007. الهبوط في الخصوبة العربية يسبق توقع مكتب الاحصاء المركزيي بعشرين سنة واحدثه تنظيم الاسرة، الانتقال من القرية الى المدينة، توسيع التعليم، رقم قياسي في معدل الطلاق، ارتفاع في سن الزواج المتوسط، تقليص حمل السن المبكرة والتصعيد في الهجرة السلبية.
الشؤم الديمغرافي تسلل الى الجدال الجماهيري كي يؤدي الى انسحابات غير مسبوقة. اما الان، فعندما يكون واضحا بانه لا يوجد سيف ديمغرافي على أرقابنا، يدعي بعض من المتشائمين بانه لا أهمية للعامل الديمغرافي. بحث مصداق في مسائل الامن القومي يستوجب بالتمسك بالحقائق الموثقة وليس التقديرات عديمة الاساس.
|
عن صحيفة فلسطين - 20-8-2007
تمت الاضافة من قبل
info@howiyya.com
بتاريخ
23/06/2009