جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
عن رحيله الى الرامة وهدم القرية حدثنا متأثراً أبو نعمة: " أهل الرامة كانوا فلاحين وما كان عندهم موارد كثير، فصارت اللاجئين تطلب تصريح من الحاكم العسكري حتى يشتغلوا بأراضي خارج القرية. في ناس حصلت على تصاريح وفي ناس صارت تهرب بالخفية وتشتغل. بس اللي عزّ علينا مش الوضع المادي، اللي عزّ علينا هو إنه إحنا خسرنا وطننا.
بفترة الحكم العسكري كنا مسموح إلنا نزور البلد بس بيوم استقلال دولة (اسرائيل)، كانت الناس تسافر بدون تصاريح. بذكر أول زيارة الي لإقرث بعد التهجير، استأجرنا أنا وعائلتي سيارة مع شوفير من الرامة من دار مويس، ورحنا ع البلد. البلد يومها ما كانت مهدومة. أنا لما شفت البلد ظليتني أبكي أنا وعمتي مريم، من الحزن ما قدرت أروح ع بيتنا، شفت باب البيت من بعيد مفتوح والبلد فاضية. حسّيت بمشاعر غضب وخوف، والله ساعدني ما إنهار. الناس يومها كانت متأكدة إنها راح ترجع ع بيوتها بإقرث. أهل البلد توجهوا للمحاكم الاسرائيلية وطالبنا بالعودة، لكن بنفس الفترة اللي حصلنا فيها على تأشيرات من المحكمة لدخول البلد والبدء بتجهيز وترميم البيوت استعداداً للعود، دخل الجيش ع البلد بليلة الميلاد سنة ال 51 وفجّر كل بيوتها بالألغام والمدفعيات ما عدا الكنيسة. أنا لليوم بظلني حاسس إنه في إشي ناقص، كلمة وطن ناقصة. أنا بنام وبفيق وباكل وبظلّ فكري بالبلد، دائماً بزور البلد، وبقول كل الناس عايشة بوطنها إلا أنا وطني عايش فيّ. حاولنا نستقر بالرامة وبيتنا كان أول بيت لاجئين اشتري بيت بالرامة، في البداية زعلوا علينا أهل إقرث، لإنهم فكرونا تنازلنا عن بلدنا، بس بعدين صاروا هم يشتروا بيوت وأراضي ويعمروا. هذا كان بسنوات ال 56 و57. أنا وأهلي اشتغلنا بالرامة، بس بعدها أنا رحت إشتغلت بالريفاينري بمصنع الزفتة وبسنة ال 71 أجينا ع كفرياسيف. أنا لليوم كل ما أكتب مقال بشي جريدة بمضي من تحت: معروف أشقر، إقرث، كفرياسف".
المصدر: موقع ذاكرات