هوية: المشروع الوطني للحفاظ على الجذور الفلسطينية

آخر الأخبار استعراض

مخطط "برافر" بدأ على ما يبدو ينفذ على أرض الواقع في الهيمنة والاستيلاء على الأراضي العربية وتهجير سكانها ومصادرة أرضهم، وهذه المرة قرية "وادي النعم" الواقعة جنوب مدينة بئر السبع ،والتي تلقت مطلع الأسبوع الماضي إنذارات جماعية موقعة باسم "المنهال" تطالب ما يزيد عن عشرة آلاف من سكان القرية بإخلاء المكان والبيوت في غضون 48 ساعة!!!
تطور نموذجي فيما بات يعرف "بالتهجير الجماعي" أو في الحقيقة "التطهير العرقي"...

محطات من تاريخ البلدة:
تقع وادي النعم جنوب مدينة بئر السبع وتبعد عنها نحو 12 كم .
بلغ عدد سكانها نحو 20 ألف نسمة قبل عام النكبة 1948 . ويقول لباد أبو عفاش رئيس اللجنة المحلية في القرية : "عند قيام المؤسسة الإسرائيلية بدأت بعمليات التهجير القسري لسكان وادي النعم فهاجر غالبية الأهل إلى الأردن، ونسبة منهم إلى مصر، وبقي فقط ما يعادل 1000 نسمة، وعادت الدولة وهجرتهم إبان حملة تجميع البدو في منطقة "السياج" ، شرقي بئر السبع، وجرى تجميع ما تبقى من عشيرة العزازمة في منطقة تعود لأبناء قبيلتهم من الذين هجروا إلى الأردن، وقسم قليل بقي على أرضه، علما أن الحاكم العسكري في الخمسينات طلب من القبيلة ترك أراضيها بحجج أمنية والانتقال إلى منطقة السياج، شرقي شارع بئر السبع (نيتسانا) لمدة أسبوعين ومن ثم سيعادون إلى أراضيهم، ووافق الناس خشية تكرار المذابح التي ارتكبتها المؤسسة عند قيامها، منها مذبحة بيرين، عام 1956، ومذبحة "الزابط" كما يسميها عامة الناس، والتي عاث الجيش الإسرائيلي فيها فسادا ، انتقاما لموت ضابط في الجيش الإسرائيلي في المنطقة، حيث قتل في هذه المذبحة أطفال ونساء وشيوخ، وخربت مزروعات الناس، وبلغ عدد المذابح في المنطقة بين خمس إلى ست مذابح، إبان الحكم العسكري".
ويضيف لباد أبو عفاش: بقي أبناء عشيرة العزازمة في الداخل في عدة تجمعات، منها: شقيب السلام والسر ووادي النعم والمشاش والشريقية والمديفي ورخمة وبير هداج والبقار وعبده.
وفي أوائل الخمسينات سكن أهالي وادي النعم في خيام وفي بيوت بنيت من حجارة وطين .وفي بداية السبعينات بدأوا بناء بيوت عصرية.
يوجد في القرية آبار مياه ، وبيوت من طين، ومغر في الجبال وأشجار تين وزيتون.
وتتكون القرية من عشيرة العزازمة ومنها عائلات الدنفيري وزنون وأبو عفاش والحمامدة والغديفي والعتايقة وأبو معمروالجرجاوي وأبو سويلم وأبو هويدي الرياطي وأبو محارب.


الوضع الحالي للقرية
يتوزع سكان القرية العشرة آلاف اليوم على مساحة واسعة من الأراضي ويعيشون في ظروف حياتية صعبة للغاية حيث
تفتقر القرية لكافة الخدمات الأساسية وأهمها الخدمات الصحية والماء، والكهرباء والطرق المعبدة وغيرها من الخدمات.
أما فيما يتعلق بالمياه فيقوم أهالي القرية بمد أنابيب المياه على حسابهم الخاص عبر مسافات طويلة، ويعاني الأهالي- كما يقول لباد أبو عفاش- من انقطاع متواصل للمياه بسبب ضعف الأنابيب التي توصل المياه الى السكان.

في القرية مدرسة ابتدائية واحدة وأخرى إعدادية وصفوف روضة، ويبلغ عدد طلاب المدارس ما يقارب 1200 طالب.
وتفتقر القرية إلى مدارس ثانوية ما يضطر طلاب الثانوية إلى السفر في الحافلات لبلدة شقيب السلام لمواصلة تعليمهم.
ويعمل معظم سكان القرية في تربية المواشي وبعضهم في المدينة الصناعية المجاورة (رمات حوباب) .وتعاني القرية من نسبة بطالة عالية.


خطر المواد السامة من رمات حوفاف
ولعل ما "يميز" قرية وادي النعم من معاناة عن غيرها من القرى غير المعترف بها في النقب أن أهالي القرية يواجهون خطرا حقيقيا ناتجا عن انتشار المواد السامة والخطرة المنبعثة من مصانع رمات حوفاف المجاورة وهي مكب للنفايات السامة.
ويشعر كل زائر لقرية وادي النعم بحجم المعاناة التي يجدها المواطنون هناك حيث تنتشر المواد السامة والروائح الكريهة من هذه المصانع.
يقول لباد أبو عفاش :"هناك عشرات الحالات التي أصيبت بالسرطان أو الغثيان أو حالات الإجهاض .وبسبب انتشار المواد السامة من هذه المصانع حياتنا هنا في خطر محدق والأهل محرومون من سبل الوقاية وهم خارج إطار الخطط الصحية التي من الممكن أن تنقذ حياة الناس في حالة حدوث انفجار أو تسرب المواد السامة من هذه المصانع ".
ويضيف:"سبق أن تسربت بعض المواد من هذه المصانع وأدركنا حينها إننا نعيش في الخطر لوحدنا ولا توجد لدى الجهات الصحية الإسرائيلية أية خطة لإنقاذ حياة الناس وإخلائهم كما هو متبع في التجمعات اليهودية".
من جانبها أجرت البروفيسور باتيا سيروب من جامعة بئر السبع بمشاركة وزارة الصحة، دراسة علمية حول مخاطر مصانع رمات حوفاف السامة خلصت فيها إلى نتيجة "أن السكان العرب في المنطقة معرّضون لخطر الإصابة بالأمراض والموت بسبب قربهم من المنطقة ".

الكهرباء وخطر الجهد العالي
ولعل من المفارقات العجيبة التي يعيشها أهالي وادي النعم أن السلطات الإسرائيلية مدت خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي من فوق أراضي القرية وفي الوقت ذاته تحرمهم من استخدام الكهرباء!!
وتشكل وجود الأسلاك الكهربائية الجاثمة فوق بيوت المواطنين في قرية وادي النعم خطرا آخر على الأهل هناك ،حيث تؤكد المعطيات الطبية خطورة الأسلاك الكهربائية خاصة في انتشار أمراض السرطان!!
أما الأهل في وادي النعم فلا ينالهم من انتشار الأسلاك الكهربائية ومحطة الكهرباء المركزية في المنطقة سوى مخاطر الإصابة بالإمراض المختلفة بينما يضطر السكان لشراء المولدات الكهربائية لتوفير الطاقة!!

إصرار على البقاء ورفض للتهجير
بعد أن وزع "المنهال" الإنذارات العشوائية في القرية تطالب السكان"بعدم دخول المنطقة وأن من يدخل إليها يتحمل المسؤولية وسيدفع الثمن" .كما ألصقت بعض الأوامر المطالبة بإخلاء القرية خلال 48 ساعة!!
الحاج إبراهيم أبو عفاش (أبو سلطان) أحد رموز النضال في القرية توجهنا له بالسؤال :مرت 48 ساعة على إصدار أمر الإخلاء وما زلتم في قريتكم.فابتسم أبو سلطان ساخرا من أمر الإخلاء والتهجير وقال:"نحن هنا وسنبقى هنا ولن نقبل التهجير القسري عن أرضنا مهما كلف ذلك من ثمن"
وعن معنويات أهالي القرية قال أبو عفاش:"هناك إجماع كلي وقرار واحد وموحد وهو رفض الإخلاء والتهجير ،ومطلبنا إقامة قرية زراعية تناسب نمط حياتنا في أرضنا ،وبغير ذلك لن يقبل أحد بالرحيل ".
وعن المخاطر الصحية المحدقة بالقرية جراء المواد السامة المنبعثة من مصانع رمات حوفاف وشركة الكهرباء وأسلاكها قال أبو عفاش:" من أجل تفادي هذه المخاطر عليهم أن يعترفوا بإقامة قرية لنا في طرف وادي النعم بعيدة عن المواد السامة والأسلاك الكهربائية التي تشكل خطرا على حياتنا ".
وأضاف:"ما زالت بيننا وبين السلطات الإسرائيلية إجراءات قضائية حول سلامة السكان وتجاهل السلطات لأهالي القرية من الوقاية من الأوبئة الصحية والمواد السامة وعدم وجود مخطط لإنقاذ حياة السكان في حالة وقوع كارثة بيئية ناتجة عن المصانع الكيماوية السامة من رمات حوفاف المجاورة"
ويرفض أهالي وادي النعم رفضا قاطعا اقتراح نقلهم إلى شقيب السلام. وعن سبب الرفض يقول الحاج إبراهيم أبو عفاش:"فكرة الانتقال إلى شقيب السلام مرفوضة كليا لأسباب عديدة منها أن أراضي شقيب لا تكفي لسكانها كما أن نمط حياتنا ومعيشتنا التي ترتكز على تربية المواشي تتطلب إقامة قرية زراعية تتوفر فيها حظائر لتربية الواشي ،وهذا لا يمكن أن نجده في شقيب السلام".
وتساءل أبو عفاش: لماذا يسمح للعائلات اليهودية التي لا تزيد عن 500 شخص بإقامة قرية ومزارع فردية بينما عشرة آلاف مواطن في وادي النعم وغيرها من القرى العربية لا يحظون بنفس المعاملة؟
الجواب واضح كما يقول أبو عفاش ويضيف:"هم ينظرون إلينا كأعداء ، وهذه هي العنصرية في أقبح صورها .كيف لا وهم يتحدثون في مخططاتهم للاستيلاء على الأرض ويعتبرونها أرضا محررة من العرب!!!"


المصدر: فلسطينيو 48

تمت الاضافة من قبل info@howiyya.com بتاريخ 27/12/2011
السجلات 
 من 7٬172