وثيقة وذاكرة.. حكاية القائد نايف مصلح يرويها ابنه أبو عمر
هوية – فدوى برية
دمشق – 7/8/2025
في مخيم اليرمـوك، شارع حيفا، يعيش الحاج أبو عمر مصلح، أحد اللاجئين الفلسطينيين، ابن أحد رجال الشيخ عز الدين القسَّام، وحارس ذاكرة صفورية.
استقبلنا الحاج عدنان مصلح (أبو عمر) وزوجته في منزله الكائن في مخيم اليرمـوك، كعادة الفلسطينيين برحابة صدر وكرم ضيافة، استهلاها بتقديم القهوة.
استفسر بدايةً عن أهمية تسجيل اللقاء، ثم رحّب بالفكرة مؤكداً موافقته، بحضور زوجته أم عمر التي كانت عوناً له في تذكّره للأسماء والأماكن واستكمال بعض الروايات، وحفيده الذي ساعد في التقاط الصور.
تصدّر صالون الاستقبال صورة والده القائد المجاهد نايف عبد الرحمن مصلح، وصورة جده عبد الرحمن، إضافة إلى مكتبة تضم بعض الكتب والصور. تحدّث الحاج عدنان عن ولادته عام 1942 في صفورية ـ قضاء الناصرة، وعن طفولته التي لم تكن كأي طفولة فلسطينية أخرى، فوالده كان قائداً لفصيل في جماعة القسام، وهو ما جعل حياته صعبة ومختلفة.
بعد النكبة اضطر مع عائلته لمغادرة منزلهم الأصلي، فسكنوا بيت الفاهوم في الناصرة، قبل أن تبدأ رحلة النزوح الطويلة وصولاً إلى دمشق حيث استقروا في مخيم اليرموك. وما زالت ذاكرته حيّة يروي من خلالها تفاصيل الحياة في صفورية: عاداتها وتقاليدها وخيرات أراضيها.
في حديثه عن والده، عرض صوراً قديمة له بالزي العسكري متمنطقاً بحزام الرصاص، مؤكداً أنه لم يكن شخصاً عادياً، بل مقاتلاً وقائداً لفصيل مع الشهيد عز الدين القسام، شارك في مواجهة الانتداب البريطاني ثم في التصدي للعصابات الصهيونية. كان اعتزاز عدنان بهذا التاريخ واضحاً من طريقته في عرض الصور وإبراز دور والده.
من جانبها، قدّمت له مؤسسة هوية وثيقة نادرة من أرشيفها تعود إلى عام 1945: رسالة بخط يد والده موجهة إلى المندوب السامي، يطالبه فيها برفع الرقابة عنه وإطلاق سراحه بعد أن وُضع تحت الإقامة الجبرية في قريته على خلفية مشاركته في ثورة 1936–1939. أكدت هذه الوثيقة صدقية روايات عدنان، وحوّلت شهادته إلى حقيقة موثقة.
كان استقبال عدنان لهذه الوثيقة مؤثراً؛ إذ غمرته السعادة وتوجّه بالشكر لمشروع هوية، معتبراً أن هذه الخطوة جعلت تاريخ عائلته ونضال والده مدعوماً بالوثائق كما بالشهادة الشفوية. وهكذا، يتكامل ما يحفظه الشهود مع ما تثبته الوثائق، فيتعزز حضور الحقيقة التاريخية وتترسّخ قناعة العائلات الفلسطينية بجدوى الحفاظ على الذاكرة.
#هوية#
