أكبر معمِّري السمارنِة الذين بقوا في البلاد الحاج محمد سليم عامر (أبو عامر) 82 عاماً ويسكن حالياً في قرية المكر.
عندما التقيته وعرف مرادي رحَّب بي وكأنه يعرفني منذ سنين طويلة، فعرضْتُ عليه أن نستقل السيارة ولِنذهب نزور السميريِّة، فرحّب بالفكرة وانطلقنا.
هاي قناة المَيّْ بْتيجي من الكابْري وبِتْكَمِّلْ على عَقّااا (عكا)
مررنا بالسيارة من المفرق المؤدّي إلى عكا واتّجهنا يميناً باتجاه المزرعة... وصار ابو عامر يِحكيلي عن المنطِقَة اللي بِعرِفها شِبِرْ شِبِرْ وقال: إطَّلع.. هاي الأراضي لِوْسيعَة اللي على يمينك كلها للمنشيِّة... وهايْ كمان أراضي المنشيِّة بْتِصَلْ لحدود أراضي السميريِّة... إسّا من هون وْغادْ بْتِبْدأ أراضي السميريِّة، لَلغرب تَتِصَلْ البحر، وللشرق لَحدود أراضي كفر ياسيف وللشمال لَحدود رَجْبا والمزرعة... شايِفْ هُناكْ، على شْمالَكْ كانت بَيّارِة دار ابو الخير.. وهاي قناة المَيّْ للسميريِّة، بْتيجي من الكابْري وبِتْكَمِّلْ على عَقّااا (عكا) ، وهون على الشمال تلّْ السميريِّة كان عليه كامبْ جيش للإنجليز.
لا سِلكوم ولا أورنج إحنا رايْحينْ عالسميريِّة، وينْ البلد القديمِة بْتِعْرِفها؟
وفجأة طلب مِنّي ابو عامر أوَقِّف السيارة.. نزِلنا وأشار بِإيدو بين الشوكْ العالي وَرا السياج وقال: هِيّاها التُرْبِة شايِفْها؟.. وهذاكْ الجامِع، بَسّْ كيف بَدنا نْفوتْ بقلبْ الشوكْ؟!.. قلت:فِش طريقْ ثانْيِة؟.. ابو عامر: تعال نْجَرِّب من الناحْيِة الثانية...وصِلنا على مدخل المنطقة التجاريِّة (رَجْبا) اللي قايْمِة على أراضي لِسميريِّة، ومِنْ بْعيد شاف ابو عامر حارِسْ بِفَتِّش السيارات، فَكَّرو بوليص.. قللي ابو عامر: مِنْقُلّوا رايْحينْ على الدَكاكينْ..ولما وِصِلنا الدورْ عند الحارس العربي، وقَبِلْ ما أحْكي، قال ابو عامر للحارس: عالدكاكينْ.. هون على شركِة البِلفون..جاوبو الحارِسْ: على سِلْكوم وَلاّ على أورَنجْ؟..قاطَعتهِنْ وقُلت للحارِسْ: لا سِلكوم ولا أورنج إحنا رايْحينْ عالسميريِّة، وينْ البلد القديمِة بْتِعْرِفها؟.. إحْمَرّْ وِجه الحارِسْ وطَبْعاً خافْ من الإجابِة وخافْ على وَظيفْتو وقالْ: والله ماني عارِفْ هي لَوَرا لَقُدّامْ، يعني هون بْهايْ المنطِقَة.. قِوْيَت عينْ ابو عامِر وقال: أنا أساسي من السميرِيِّة..أنا مِنْ تَوَلُّدْ هايْ البلد الخَرْبانِة.. الحارس: مْوَفَّقين.. إنْشا الله بْتْلاقوها.. مع السلامِة!.
هون بِالضَبطْ على سَوى هذيكْ الصَبِّة الحديدْ وينْ شجَرِة الزَنْزَلَختْ كان بيتْنا
وَقَّفنا السيارَة وِمشينا بِاتِّجاه البلد وفي الطريق ما توَقَّفْ ابو عامر عن الكلام.. ابو عامر: هذا الصبِرْ من أيام الإنجليز.... مِشي ابو عامر وبَحْلَقْ بين الشوكْ وقال: أيوااا.. هونْ، هونْ بِالضَبطْ... لأ.. هونْ هونْ... قلت: شو يابو عامِر..شو في هونْ؟.. ابو عامر: هون بِالضَبطْ على سَوى هذيكْ الصَبِّة الحديدْ، وينْ شجَرِة الزَنْزَلَختْ كان بيتْنا، وحَوالينا الجيرانْ: راجِحْ اليمني، وأبو لبيب (ناسي إسمو)، ومعروفْ الصيّاحْ، وعلي منصور، وأحمد عبد الرحيم، وأحمد الطيراوي، ومحمود البُنّي...صار ابو عامِر يِلِفّْ ويُبرُمْ ويِتْطَلَّعْ على كل الجهات مُحاوِلاً التعَرُّفْ على مَواقِعْ البلد بين الأشواكْ وقال: قُللي أنا مِشْ شايِفْ... هذيك الشجَرة اللي هُناك مِشْ رُمّانِة؟.. قلت: نعم رُمّانِة يابو عامِرْ.. قال: هاي الرُمّانِة عِنّا من زمان الإنجليز.. وهون كانت ساحة لَزَربْ الحيوانات.. وتابع ابو عامر: بِقولولْنا لِكبار إنّو هذا القَبو كان لَبني هْلال، لإنْهِنْ كانوا يِستوِطْنوا وينْ في ينابيعْ المَيّْ، وعِنّا كانْ (عينْ قَطفْ الزهور).. عينْ جارْيِة وقَويِّة.
المُسلِم رَفَضْ يِتْمَلَّكْ أرضْ عَشانْ مَيِدفَعشْ ضريبِتها
قلت: احكيلي كمان عن البلد يابو عامر.. ابو عامر: حدود السميريِّة من الغرب البحِرْ وشِفِزيون اليهوديِّة، ومن قِبْلِة المنشيِّة، ومن الشمال المزرعة ورَجْبا اليهوديِّة، ومن الشرق أراضي كفرياسيف ولِكويكات.
اليوم تقع على أراضي السميريِّة عدد من الكوبّانِيات (مستوطنات) مثِلْ: لُوحَمي هجيتَئوتْ، وشومرات (قسِم منها كمان على أراضي المنشيِّة)، وغيرهِنْ.
كان عدد سكان بلدنا في الـ48 حوالي 400 نفر، قسم من الناس عايِشْ على الزراعَة والقسم الثاني بِكامْب الجيشْ التابع للإنجليز، وبِقي الكامب حتى بعِد ما أجت إسرائيل.
وتابع أبو عامر: كانوا يقولوا عن الأتراك إنّو الشمس ما بِتغيبْ عن أراضيهِن، وكانت لِبلاد تحت الحُكم التُركي، وأجوا بَدّهن يِسلّموا الأرض للناسْ عشان يِجمعوا ضريبِة عنها، صاروا الإسلام في لِبلاد يِقولوا للأتراكْ: سَجّْلوا الأرضْ عالمسيحيينْ، خَلّيهن هُنِّ يدفعوا ضريبِة الأرض.. المُسلِم رَفَضْ يِتْمَلَّكْ أرضْ عَشانْ مَيِدفَعشْ ضريبِتها، ومِنْ هيكْ صاروا المسيحيِّة أمْلَكْ ناسْ في لِبلاد.
كان صاحِبْ البيّارَة يِبْحَشْ بالأرض كَذا أمتار يِطْلَعْ نَبِعْ مَيّْ
وتابع أبو عامر: السميريِّة كانت كُلّها بَيّارات مَندَلينا وبُرْدُقانْ بَلدي، وحامِضْ.. كان صاحِبْ البيّارَة يِبْحَشْ بالأرض كَذا أمتار يِطْلَعْ نَبِعْ مَيّْ، يِرَكِّبْ ماتورْ ويِسحَبْ الميّْ للريّْ، وقبل الماتورات، كانت الناس تِسحب الميّْ على الحَنّانِة: عَجَلْ من خشب كبير وعليه سْطولِة، يِعَصّْبوا عينينْ الخيلْ أو البَغِلْ عَشانْ ما يْدوخْ، ويْصيرْ يُبْرُمْ، والعَجَلْ يُبرُمْ.. تِنزَلْ لِسطولِة تِطلع ملانِة وتِقلِبْ بِالبِركِة. وكان في مثل دارِج بِقول: وَلاّ فْلانْ زَيّْ بَغل الحنّانِة..يعني بُبْرُم بُبْرُم وهو محَلّو.
خانْ الشَوارْدَة بْعَقّا (بْعكا) كان موقِفْ للخيلْ وِالحميرْ (اليوم موقف للسيارات ومحلات للأراغيل)
قلت وكيف كُنتو تِشْتروا غراضْكو وتِتْمَوَّنوا؟.. أبو عامِر: عَقّااا (عكا) كانت مَدينِة ومركِز تِجاري لكل لِبلادْ، يعني كُنّا نِشتري الملابِسْ ولِسْمانِة بَسّْ من عَقّااا (عكا)، وإذا بَدَّكْ تْبيعْ كمان بْعكا.
وينْ النبي صالِحْ (مدرسِة البحريِّة اليوم)، كانت حِسبِة خُضرَة، كنت أروحْ أبيع خُضُرتي فيها، المُزارعينْ كانوا عالبَركِة، يجيبوا بْضاعِتهِنْ وكيف ما يْسَجلوها عليهِنْ يِقبلوا. خانْ الشَوارْدَة كان موقِفْ للخيلْ وِالحميرْ اليوم موقف للسيارات ومحلات للأراغيل. مَكَنشْ مَصاري بأيدينْ الناس، كان كل شي بلِمْبادَلِة، تِعطي مثلاً قمح توخُذْ بَدالو خُضرَة، تْروحْ تِتعَلَّم عند الخطيبْ توخُذْلو معاكْ كَردوشْ يا رْغيفْ رْقاقْ.
ما كان حدا يِعرِفْ يِقرأ ويِكتِبْ بايام الانجليز.. لمّا كان المكتوب يِصل على السميريِّة يِروحوا فيه على كفرياسيف تَيْشوفوا حَدا يِقْراه.
واللي مَعوشْ مصاري يِأُمروه يِبيعْ بَقَرتو ويِشتري بْحَقّْها سلاح
قلت: بتُذكُر أحداث الـ48 ؟.. أبو عامر: كان في مُقاومِة.. ما هَدّو البلد عَالفاضي، كان في لَجنِة في السميريِّة تِفرِضْ على كل ربّْ عيلِة يِشْتري بارودِة، وِاللي مَعوشْ مصاري يِأُمروه يِبيعْ بَقَرتو ويِشتري بْحَقّْها سلاح، كان في البلد 33 قطعِة سلاح من فرد وجِفتْ وبارودِة، بَسّْ الناسْ ما كانت مْدرَّبِة زَيّْ اليهود.
وعائلات السميريِّة هي: عبد الرحيم، حجير، الطيارْنِة، منصور، عبد الغني، الصياح، الناطور، شناعة، عامر، البُنّي، يوسف، الحجّْ، الخطيب.
إن رِبْحَتْ اليهود مِندير بالْنا عَليكو وإنْ رِبحَت العرب بِتْديروا بالكو عَلينا
وتابع أبو عامر: ويومْ بَعث مُختار البلد اليهوديِّة (شِفِزيون) مع الرِعْيانْ مَكتوبْ لَمُختارْ السميريِّة محمود الأمين، وقَرَأْ المكتوب قُدّامي.. بِقول في المكتوب: إحنا جيرانْ بالأرضْ وبِالسُكنى.. بِحَقّْ الجيرِة تِعْتَدوشْ عَلينا، وَلا إحْنا مْنِعتَدي عَليكو... بين العرب واليهود في مَشاكِلْ، إن رِبْحَتْ اليهود مِندير بالْنا عَليكو، وإنْ رِبحَت العرب بِتْديروا بالكو عَلينا.. بهذاك الوقت كان المِتعَلِّمْ هو المستفيد ومختار لِسميريِّة كان مِن جْيالي ومِتعَلِّمْ .. قَللي المُختار: شو رأيَكْ شو أساوي؟..قُلتِلّو: أنا رأيي يا مُختار تِجمعْ لجنِة البلد وِتشوفْ رايْهِنْ.. راح مختار البلد قرأ المكتوب للجنِة قاموا بَهدَلوه واتَّهموه بِالخِيانِة.
وتابع أبو عامر: مَرّة عَزمَنْ الإنجليز كانوا يِدَوْروا دْوارَه على المِتعَلّمين واللي بِعِرفوا إنجليزي، كان في وَلَدْ صغيرْ من لِكويكات بِعرِفْ يِحكي إنجليزي، قاموا حَطّوه مسؤول على العُمال اللي كانو يِشْتِغلوا في بِناء سِكة الحديد، أجا واحد خِتيارْ ضَرَبو وقَللو: والله عال، قَدّْ النَتّوفِة وجايْ تِعطينا أوامِرْ.
سَلّْموا البلد يا عَكاريتْ أو مْنيجي نِذْبَحْكو
قلت: طيِّب وبعدين شو اللي صار في البلد؟.. ابو عامر: مختار البلد ما رَدّْ على المكتوب، وبعد فترة وِصِلْ مكتوب ثاني من مختار سِفزيون (شِفِزيون)، بَسّْ ما استَرجى مختار البلد يقول لَلَّجنِة عَنّو.
في هذاك الوقت كانت الكوبّانِيّات اليهودِيِّة في الشمال: مَعْصوبا، وحَنيتا، وسِفِزيون، ونهريّا، كانت مْحاصَرة، ولَمّا أجَتْ آفْلِة (قافْلِة) جيشْ اليهود بدها تُمرُقْ تْوَدّي الأكل للكُبّانيات، كانت مجبورة تفوت من الشارِع الرئيسي الضيِّق جنب السميريِّة من بينْ الصبر.. لاقوا الشارع مْفَحْوَر وِمسَكَّرْ، ومِن هيكْ هَدموا البلد.
قلت: وشو اللي شُفْتو بهذاكْ اليوم؟..ابو عامر: اللي صار إنّو اليهود على وِجْه الفَجِرْ طَوَّقوا البلد من كل الجِهاتْ ما عدا خَطْ عَقّا (عكا)، وِتْمَركَزوا عالقَناطِرْ في قناة المَيّْ.
كنّا بِالليل نُحرُسْ البلد أحسن لليهود ييجوا.. بَذْكُرْ كان فِرْقِة حِراسِة حَدّْ الجامِعْ ومَعْهِنْ ولد عُمْرو 15 سِنِة. قاموا الحُراس نِعْسوا وتِعْبوا، وسَلَّموا لِسْتِنّْ (بارودِة سريعة) للولد وقالولو: إذا بِتشوف يهود طُخّْ عليهِنْ.... إسّا.. الولَدْ شافْ جْنودْ بِنُطّوا من قَنْطَرَة لَقنطَرة عالقَناة، قام طَخْ عليهِنْ وبِدي لِقواسْ من كل الجِهات.. أنا سْمِعتْ بْذاني اليهود بِصَرّْخوا وبِقولوا: سَلّْموا البلد يا عَكاريتْ أو مْنيجي نِذْبَحْكو.. وإحنا كُنّا نْرُدّْ عليهِنْ وِنْقولْ: مِشْ طالْعينْ وإذا بْتيجوا مْنِذْبَحكو.
قَرَّروا لِكبارْ يا مِنْموتْ سَوا يا مِنْعيشْ سوا
وتابع ابو عامر: هذولْ جيشْ الإنقاذ أجو على عَقّااا (عكا)، ومَعْهنْ سَيّارات، وِتْمَركَزوا على تَلّْ نابِليون، لأنّو الشارِعْ مْلَغَّمْ، وبَعدين شَمَّلوا تَلا السميريِّة... إسّا... البلد كانت مْطَوَّقَة من اليهود، وخِلصَتْ الذَخيرِة من المُقاتِلينْ، فاجْتَمعوا المسؤولين لِكبار في السِنْ وقَرَّروا : يا مِنْموتْ سَوا يا مِنْعيشْ سوا.
كانت أوَّل سيارِة جيشْ بالآفْلِة فيها ناسْ لابْسِة حَطّاتْ وعُقُلْ، عَشانْ نْفَكِّرْهِنْ عَرَبْ
.. تْبَسَّمْ أبو عامر وقال: أنا المَزْبوطْ عْمِلتْ حيلِة...طَيييبْ... جيشْ الإنقاذْ كانْ بْتَلّْ السميريِّة، قُمتْ طَلَبتْ من لِخْتْيارِيِّة أروحْ أجيبْ سلاحْ من هُناكْ وأطلُبْ فْزيعْ، وفِعلاً رُحتْ أنا وخَمِسْ شبابْ، ولَمّا وْصِلنا عالتَلّْ، خَبَّرْنا جيشْ الإنقاذ إنّو البلد بَدّْها تُسْقُطْ والناسْ بْتِنِهزِمْ... بهايْ اللحْظَة وَلَد من البلد شاف آفْلِة (قافْلِة) اليهود وصارْ يِنادي عَلينا: يا محمد إوِعْكو.. إطْلَعوا من الشارِعْ اليهود أجوا.. كانت أوَّل سيارة بالآفْلِة فيها ناسْ لابْسِة حَطّاتْ وعُقُلْ، عَشانْ نْفَكِّرْهِنْ عَرَبْ... جاوَبْنا الغَارْدْ (حَرَسْ جيشْ الإنقاذ): هذول من جيشْ الإنقاذ جايين من عَقّااا (عكا) يِفْزَعولْنا...، قامْ واحد من البلد إسمو صالِحْ قَعْبوشْ طِلِعْ وحامِلْ الفرد وِيْقول: أهلا وسَهلا.. أهلا وسهْلا... ولَمّا وِصلوه طَخّوه وقَتَلوه.
وبَلَّشولْنا طَخّْ بِلِبْرِنّاتْ
وتابع ابو عامِر: عِندْها عْرِفنا إنّو الآفْلِة يهود.. الغَاردْ ومَعاه اثنين من البلد تْخَبّوا تحت العَبّارَة، وإحنا رُحْنا نُركُضْ على قَناطِر المَيّْ، وبَلَّشولْنا طَخّْ بِلِبْرِنّاتْ، ولإنّو سلاحْهِنْ كان مْثَبَّتْ على السيّارات، وكُنّا أوطى مِنهِنْ كان الرصاصْ يُمْرُقْ من فوقْ روسْنا.. أنا عَدّيتْ سيارات الآفْلِة كانوا 21 سيارة، وآخر سيارة كانت كبيرِة مْحَمَّلِة مؤنْ، وكان هَدَفْهِن يوصّْلوا الأكِلْ للكُبّانِيّاتْ.
صاروا أهل البلد يِنادوا على بَعَضْهِنْ وِيْقولوا: يهود.. يهود....صار إشي يِنِهزِمْ تلا عَقّااا (عكا)، وإشي تلا كفرياسيف، ويومْها استَشهَدْ: محمد شَناعَة، وسعيد الخطيب، وأحمد لموني.
إبْنِكْ مِتصاوِبْ بِالمَحلّْ الفُلاني إلحَقيه قبِلْ ما يْموتْ
واحَدْ شَبّْ من السميريِّة كانْ مِتْصاوِبْ بينْ القمح، لاقاه شحادِة ابو صوف من البلد، وأخَذْ البارودِة مِنّو، والتقى مع إمّْ الولد بْعَمْقا وقَلّْها: إبْنِكْ مِتصاوِبْ بِالمحلّْ الفُلاني إلحَقيه قبِلْ ما يْموتْ.. راحَتْ إمّْ الولد فارْعَة دارْعَة عالسميرِيِّة كانت البلد مَهدومِة وفيهاشْ حَدا، لاقَتْ العَسكَرْ وقالَتِلْهِنْ: بَدّي الزابِطْ .. بَدّي الزابِطْ أحكي معاه.. ولَمّا التقت بالزابِط قالَتلو: إبني مِتْصاوِبْ ومالي غيرو.. إبني مِشْ مُحارِبْ مِن شان ألله ساعْدوني.. قال الزابِطْ لواحد من لِجنود يِروحْ يِساعِدها وتوخُذْ إبِنها، ولَمّا وِصلوا عِندو وبَدّْهِنْ يِحِملوه، والاّ جنادْ رْصاصْ البارودِة بَعْدو على جِسْمو وِمْعَبّى فَشَكْ.. صَرَخْ الجُندي بإم الولد وقال: إبنِكْ مُحارِبْ.. وقام طَخّو وقَتَلو، ورِجْعَتْ الإمْ عالبلد بِدونْ إبِنها.
نَصَحني أبو عادِل ما أمرُقْ طريق شعب أحسن ما جيشْ الإنقاذ يوخْذولي البقَرات
طْلِعنا من البلد بأواعينا.. أنا هَرَبتْ على عَقّااا (عكا)،... وأبويْ كان هو وإخوتي لِصغارْ طول فترة الإحتلال في بيّارِة دارْ خير جنب البلد، ولَمّا شاف الضربْ هَرَبْ عَالمكِرْ، وبعدين لْحِقتْ أبويْ..
كان عِنّا 13 راسْ بَقَر أخذتْهِنْ وهَزَّمتْهِن تَلا ميعار عِند خضر علي السَعْدَة (ابو عادل) من وجهاء ميعارْ، قُلت يمكن هناك أكثر أمان، وقعدِت في ميعار ثلاث أسابيع...كان جيش الإنقاذ بِشعب، والحرب دايْرِة عالبِروِة... قللي ابو عادل: إحنا مِشْ زَعلانينْ إذا بِتْظَلّْ عِنّا، ولا كَرْهانينَكْ، لكن أنا بَعرِفْ أكثر مِنَّكْ، المكر صارت اليوم أئمَنْ إلَكْ ولَطَرْشَكْ من ميعارْ... وفِعلاً راحت شعب وبَعِدها ميعار ، ونَصَحني ابو عادِل ما أمرُقْ طريق شعب أحسن ما جيشْ الإنقاذ يوخْذولي البقَرات.
في عَمقَة شوفْ عيني شُفت الدروز حاملينْ السلاحْ وبِحارْبوا مع العَماقْنِة
وصِلت المكر عِند ابويْ ونِمت ليلِة وَحَدِة، والصُبِحْ بِدي لِقواسْ..قلت لأبويْ: إنتي زَلَمِة خْتيارْ بِحكوشْ مَعاكْ، خَلّيكْ هون، وهَربت على كفرياسيف وبعِدها عأبو سنان وقعدت عِندْ صاحِبنا سليمان هزيمِة (أبو علي)، وعِندار عَزّامْ ميكِلْ شارِبْ نايِمْ، وصارت لِبلاد تُسقُطْ وحدِة ورا الثانْيِة، وفي عَمقَة شوفْ عيني شُفت الدروز حاملينْ السلاحْ وبِحارْبوا مع العَماقْنِة. إنهزمت علِبنان وهناك شُفت كل عيلِة ساكْنة تحت زَتونِة وعايْشينْ عالمساعدات..
كُنتْ مْبَرِّم شَوارْبي لَروسْ خْدودي
كانوا يِعطوالأعاشِة عالنفرْ.. رُحت اسجِّلْ حالي بِصور.. كُنتْ مْبَرِّم شَوارْبي لَروسْ خْدودي، ولَمّا وِصِلني الدور قللي الموظَّفْ: قَديشْ عِندك أنفارْ؟.. قُلتِلّو: عَشر أنفار..قال: إنتي شَبّْ بلا كِذِبْ..قُلتِلّو: أبويْ قتلوه اليهود ومعايْ إخوتي وإمّي.. وصُرت آخُذْ مؤن لعشر أنفار.. يومْ أجو دروز ابو سنان يسالوا عنّي، قُلتِلهِن: أنا مْكَيِّفْ هونْ باخُذْ مؤن عن عشر أنفارْ.. قالولي: يا محمد ..إسّا بَدّكْ تِرجعْ معنا، لأنّو كمان شهر اللي جُوّا جُوّا واللي بَرّة بَرّة.. قُلتِلْهن: أنا مَبسوطْ هون..قالولي: تعال معنا إعمَل هويِّة وإرجَعْ بَعدينْ كيف بَدَّكْ.
إطلَعْ بَرَّة إنتي غايِبْ وجايْ تُطلُبْ هويِّة؟!
رَوَّحت وقالولي إنّو التسجيل بالمكر خِلِصْ، والهويّات بِعملوها بْيركا، رُحت وحكيت قُصتي للشيخ حمد ابو ريشْ، وراح معي عالمَنْزولْ، وبَسّْ لِموظَّفْ سِمع إسمي فَزّْ فِيّي وقللي: إطلَعْ بَرَّة إنتي غايِبْ وجايْ تُطلُبْ هويِّة؟!.. قام الشيخْ حمد وقَّفْ وقال: العالْمْ الله هذا الشَبّْ من حَدّْ ما راحَت لِسميريِّة بِشتغِلْ عِندي بْمَعصرةِ الزيت، ولمّا صارْ التِسجيل في المكر أنا مَنَعتو وقُلتِلو إنتي كَمِّلْ شُغُلْ عِندي وبْتوخذْ هويِّة بيركا.. قال لِموظّف: بَدّيشْ أفَشّْلَكْ.. مِنِعْطيه هويِّة حَمْرا، أخذت الهويِّة ورجِعت على أبو سنان. وبهذيك الأيام كانوا يِدوّْرو دْوارَة عاللي بِعرف يشتغِلْ بالأرض، بعثلي إحمد الإدلبي وإحمد عبدو، وأخذوني عند الحاكم العسكري وغيّرولي الهويِّة لَزَرْقا، وأعطوني تصريح تنقُّل بين عَقّااا (عكا) والمكر والمنشِيِّة.
ضَمَرتْ بِنفسي أقتُلْ الفسَّاد قَتِلْ موت وأدِبّو في البير
وتابع أبو عامر: إسمع هالقصّة.. أيام الحكم العسكري كنت أودّي خُضرَة على الحِسْبِة بِعَقّااا (بعكا)، وكان واحد من البصَّة يِفسِد عليّْ للعسكَرْ إنَّي بجيب مكاتيب من لبنان، وكانوا كل يوم يقِلبولي الخُضرَة ويِفتّْشوني.. زْهِقتْ حياتي ورُحت أنا وإحمد الإدلبي وبسّْ شافني هذا الفسّاد انْهَزَمْ، وطلب الإدلبي من العسكر ما يِحكوا معايْ.
ضَمَرتْ بِنفسي أقتُلْ الفساد قَتِلْ موت، عْمِلت صُحبِة غُشّْ معاه لمُدِّة خَمِسْ تُشْهُرْ مِنْشانْ أرِكْنو.. بهذيكْ الفترَة كنت ساكن لَحالي في بيت بِالأرض اللي بَفْلَحها، وجَنبْ البيت بيرْ مَيّْ غُمقو حوالي عشر أمتارْ، فكَّرت أدِبّو في البير.. قُمتْ عَزمتو عالعَشا، وقبل ما يُخلُصْ الأكِلْ طلبت منّو نُطْفَشْ شويّْ.. وْصِلْنا مِمْشى البيرْ، وكانْ هذا الفساد قُدّامي وبِإمْكاني بْدَفْشِة صغيرِة أخَلّيه يْطُبّْ تحت... أجاني هادِسْ: كيف ممكن أتْحَمَّلْ خْطَيْتو، وإنّو قتل بنآدَم ممنوع إلاّ بالحق، وسامَحتو على أفْعالو.
ما ظلّْ حدا في السميريِّة غير زينب باب الله
قلت: وما ظلّْ حدا في السميريِّة؟.. أبو عامر: فِشّْ إلاّ زينب باب الله رَجَّعها الحاكم العسكري وحطّها في البيَّارة.. قلت وليشْ زينب بالذاتْ؟.. أبو عامر: زينب كانت تشتغِلْ بْلجنِة عكا اللي سَلّموا عكا مع احمد الإدلبي وغيرهِن.. ظلَّت زينب باب الله في البيارة بأرض السميريِّة حتى ماتت قَبِلْ خمس سنين.. قلت: وولادها؟.. أبو عامر: أولادها بْعَقّااا (بعكا)، ولما ماتت زينب باعوا الأرض.
المصدر: صحيفة الحقيقة