بسم الله الرحمن الرحيم
عشيرة الخَوَرَة
يقول الله تعالى في محكم كتابه ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم ). وقال صلى الله عليه وسلم (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام: إذا فقهوا).
الحمد لله الذي خلق الناس وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ، وجمع بين الأقارب ليتوارثوا ، وربط بينهم بالأنساب ليتواصلوا ، وإختار من العرب محمد صلى الله عليه وسلم فقال حب العرب إيمان وبغضهم نفاق . وقال : إذا ذل العرب ذل الإسلام ومن بغض العرب أبغضه الله .
في الحقيقة إن علم الأنساب والذي يعرف أيضاً بإسم تاريخ العائلة يعتبر هواية مثيرة يستمتع بها ملايين الناس من مختلف البلدان. وهو علم جليل رفيع، وهو علم يكون فيه التعارف ويبحث في تناسل الأبناء من الآباء، وتفرع الغصون من الأصول في الشجرة البشرية بحيث يعرف الخلف عن أي سلف إنحدر، والفرع عن أي أصل صدر. والعرب حفظت أنسابها وإعتزت بها . وقال عمر رضي الله عنه : تعلموا من الأنساب ما تعارفون به وتواصلون عليه . وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعلم الأصول والمنابت فقال : تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر (أي زيادة في العمر) . وفي رواية : (فإن صلة الرحم منجاة في الأهل منسأة في الأجل مثراة في المال) وقال : إعرفوا أنسابكم تصلوا به أرحامكم ، فإنه لا قرب بالرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة ، ولا بعد بها إذا وصلت وإن كانت بعيدة . وقال صلى الله عليه وسلم عن رجل له علم بالأنساب : هذا علم لا يضر أهله . وقال الأصمعي : إستعيذوا بالله من شر عجائز الحي ، فإنهنَّ يعرفن الآباء .في الحقيقة إن ما جعلني أكتب عن عشيرة الخورة هو ما قرأته في منتديات النت والمواقع الإلكترونية وما كتب عن هذه العشيرة من معلومات مغلوطة ومنقوصة وكان أغلب ما كتب عنها منقول عن كتاب (عجور) لمؤلفه محمد أبو فضة أبو سمور رحمه الله تعالى . وما كتبه فيه الكثير من الأخطاء والمغالطات . وهو كتاب طبع بعد وفاة المؤلف ، بعد أن جمع ورثته ما كتبه في الورق من غير تدقيق ولا تمحيص في الروايات المكتوبة، فكان ترتيب وجمع الورثة. وفيه من الغث والسمين والأخطاء الكثيرة والروايات الغير صحيحة ،وفيه ما فيه، والمؤلف نفسه يعترف بذلك ،فيقول (وجدت بعض الفوارق بين المعلومات المعطاة من قبل أهلنا المسنين وبين ما تقوله المصادر ) ويَذكُر أنه حذف الكثير من الروايات بسبب ما فيها من إساءات. لذلك جاءت بعض الروايات منقوصة وغير دقيقة والمؤلف رحمه الله تعالى نقل روايات عديدة وأحداث كثيرة عن كبار السن وإختيارية العشائر ، ولكنه مع عشيرة الخورة إكتفى برواية رجل واحد وهو المرحوم بإذن الله تعالى أبوعمرمحمدعمرمحيسن والذي توفي إثر حادث مؤسف، وهو من مواليد عجور ، وقد خرج من عجور صغيراً لم يتجاوز السابعة أو الثامنة من عمره . ولكنه لم يكن أسَنَّ الخورة ففيهم من هو أكبر منه سناً بكثير ، وأعلم منه بالحمولة وأدرى بأحوالها ، ولهم باع طويل في زعامة الحمولة . وهم لن ينسبوا لأنفسهم ما ليس من حقهم. فكانت رواية أبو عمر رحمه الله ناقصة أهمل بعض العائلات الأصيلة الكبيرة والمهمة ولم يذكرها متعمداً عدم ذكرها في روايته لأبوسمور كما ذكر لي هو نفسه في حواراتي معه وأعتقد أن هذا بسبب عداوات شخصية بينه وبينهم. كما أنه أضاف عائلات معروف أنهم ليسوا من الخورة وكان هذا ربما بسبب المصاهرة والنسب بينه وبينهم فأحب أن يضيف عائلات من ناسبهم أو صاهرهم . مع العلم أنهم هم أنفسهم لا يدَّعون ذلك .وثم أنه ألغى آخرين لغاية ما بنفسه(غفر الله له) ،.ثم أنه جعل جده هو فقط الخوري الذي أسلم كما قال : (عائلة عمر الشيخ أحمد محيسن الخورة وسلالته ووالده الشيخ هو صاحب قوشان أرض الخورة و جده هو صاحب القصة السالفة.) دون غيره وهو صاحب قوشان أرض الخورة فقط .والحقيقة أن أحمدمحيسن هو أحد أحفاد الشيخ أحمد الخوري الكبير والذي كان إسمه جوزيف وسمى نفسه الشيخ أحمد تيمناً بإسم الرسول صلى الله عليه وسلم. أما تقسيمة العائلات التي لا يختلف عليها إثنان ولا تعمل أحقاداً أو أضغاناً بينهم وهم جميعاً متفقين عليها فهي كالتالي : فكما أن عجور ثلاث أثلاث هم العجارمة والسراحنة والمحارمة، وأيضاً المحارمة ثلاثة أثلاث هم المحارمة والصلاحات ثلث، والعودةوالجودة ثلث والخورة والقواسمة ثلث وأيضاً الخورة ثلاث أثلاث هم عائلة الشيخ أحمدالخوري ثلث وعائلة آل أبوعايش الخورة ثلث وعائلة آل أبومرار الخورة ثلث . وبالنسبة لعائلة الشيخ أحمد الخوري فهي كالتالي :1-عائلة أبوإسماعيل . 2-عائلة أبوإصبيح . 3-عائلة موسى الحج . 4-عائلة محيسن . 5-عائلة احمدالشيخ . 6-عائلة جبريل . وجميع هذه العائلات هم أبناء وأحفاد الشيخ أحمد الكبير وسأتطرق بالتفصيل عن كل عائلة من هذه العائلات الست لاحقاً، أما بالنسبة لثلث أبومرارالخورة وثلث أبوعايش الخورة فسأتركه لبحث آخر أكون فيه على إضْطِلاع جيد حتى لا نظلم أحد .
وبالنسبة لما ذكره أبو عمر رحمه الله تعالى من أن والده وجده أحمد محيسن هو صاحب قوشان أرض الخورة ، فهذا غير صحيح وفيه مغالطة وعدم دقة، فأنا مثلاً أمتلك صورة عن قوشان مسجل بإسم جدي محمود إبراهيم أبوإسماعيل الخورة. قيود فلسطينية قديمة رقم 1/39/2109 تسجيل قيود بكر وقاع بابل /1948 أراضي عجور وعمورية .وأيضاً كل ثلث من أثلاث الخورة يمتلكون هذه الوثائق . وربما المغالطة التي ذكرها أبوعمر رحمه الله تعالى من قصة أراضي المشاع في عجور التي كانت تقسم كل سنة على جميع أفراد القرية ليزرعوها . وكانت شهادات تسجيل الأراضي (القواشين) تسجل بأسماء أشخاص تكون بكل واحد منهم عاهة مستديمة أو إعاقة ظاهرة وذلك ليستدر عطف وشفقة جابي الضرائب المحصل دار في أيام الحكم التركي .فيجمع أهالي القرية أموال قليلة ويسلموها لأصحاب القواشين ليدفعوها لجابي الضرائب .ولكن أهل القرية عادوا فأبطلوا هذه المهمة وأصبح حاملوا القواشين غير مكلفين بهذه المهمة وكان هذا مع نهاية حكم الدولة التركية ،وألغيت هذه الطريقة وتكونت لجان لجمع الضرائب من الأهالي .
إن كل هذا لا يطعن في الكتاب ولا في المؤلف رحمه الله تعالى .فهذا العمل الجبار العظيم والجهد المخلص ، الذي يشكر عليه . ويجب علينا أن ندعو له بالرحمة والخير. ولكنه هو الذي قال (فإن هذه الدراسة لن تخلو من أخطاء أو نقص، فهي محاولة ومبادرة تحتاج إلى إعادة نظر يمكننا أن نتلافاها في طبعاتنا القادمة ).
نعود الى عشيرة الْخَوَرَة
AL – KHAWARAH
منذ نعومة أظفاري وأنا ولله الحمد مهتم بالتاريخ وبالأحداث التي تعصف بنا وبمنطقتنا العربية والإسلامية وبفلسطين خاصة وبجذورنا العربية المتأصلة فينا ثم بقرانا وبلادنا التي سلبت منا قسراً .فقد كنت أسأل عن كل هذه الأمور وأحاول أن أستحث الكبار ليجيبوني عن كل ما يراودني من أسئلة وألح في الطلب حتى أحصل على ما أريد وكنت أجلس لساعات أستمع لقصة من جدتي رحمها الله وأنا سعيد مذهول لقصصها ثم أجلس بين يدي إختياريتنا أو بين يدي عجوز قد حنى الزمن ظهره كي أحصل منه بعض الذكريات وأستحث ذاكرته وما فيها من آلام وأحزان وأفراح وأتراح . يضحك ويبكي . يتأوه ويتألم وكنت أدون كل ذلك بمذكرات خاصة كنت اكتبها ومع الأسف أغلبها ضاع بسبب ظروف خاصة ولكني ما زلت أحتفظ بالكثير منها. وأنا هنا سأكتب عن عشيرة الخورة من عدة مصادر ولن أكتفي بمصدر واحد كما فعل أبو سمور رحمه الله تعالى فقد إستقيت معلوماتي من عدة مصادر فمن إختيارية الحمولة إلى جداتنا وأجدادنا بما فيهم أبو عمر نفسه رحمه الله تعالى . وأيضاً من عدة مصادر تاريخية مسطورة في بعض الكتب والمراجع وفيها بعض الإختلافات والفوارق بين ما يذكره الأجداد والمسنين وما تذكره الكتب. أذكر منها : *موسوعة قبائل العرب للباحث عبدالحكيم الوائلي*فقد أشار للخورة في فلسطين والأردن. وأيضاً ذكر عشيرة الخورة كتاب * بلادنا فلسطين للمؤرخ مصطفى مراد الدباغ * وذكرهم أيضاً كتاب * معجم العشائر الفلسطينية للباحث محمد محمد شرّاب*: وقد ذكر الخورة في عجور ومعان دون أن يتطرق إلى وجود أو عدم وجود علاقة قرابة بينهما وكتب عن الخورة أيضاً الكاتب * الرحالة تشارلز داوتي في كتابه رحلات في صحراء العرب * وأشار إلى عشيرة الخورة في فلسطين والأردن. وكتب عن الخورة أيضاً الباحث * أحمد أبوخوصة في كتابه العشائر الأردنية والفلسطينية ووشائج القربى بينهما*وذكرهم أيضاً كتاب * الصفوة-جوهرة الأنساب- للمحامي طلال الشيخ حسين * وكتب عن عشيرة الخورة أيضاً الضابط الإنجليزي فريدريك . ج . بيك في كتابه تاريخ الأردن وقبائلها *أما المؤرخ * علي نصوح الطاهر في كتابه جوامع النسب في قبائل العرب * فكتب عن الخورة وذكر أنهم من بقايا الفرنجة الصليبيين الذين أسلموا . وهذا من هفواته وأخطائه . فليس كل مسيحي في بلادنا العربية هو صليبي من الفرنجة ففلسطين كانت في غالبيتها من العرب الغساسنة المسيحيين الذين أسلموا فيما بعد وما نزال إلى الآن نشاهد بعض المسيحيين الذين يسلموا طوعاً وإقتناعا دون إكراه ليحصلوا على الأجرين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم عرب أقحاح من نسل العرب الغساسنة والله أعلم . ويروي العلامة * روكس بن زائد العزيزي * أن أصل الخورة هما شقيقين مسيحيين من منطقة بيت لحم . ويورد مثل هذه الرواية الكاتب الباحث * محمد عطاالله الفناطسة في كتابه الجذور التاريخية لمدينة معان *، ويقول أن الخورة أصلهم من بيت جالا بفلسطين ، ويقول أن خَوَرَة فلسطين المسلمين هم أصلاً من مدينة معان بجنوب الأردن . ويقول أن الخورة هم أصلاً من شقيقين مسيحيين إرتحلا إلى معان من بيت جالا وإستقرا فيها في منطقة معان الشامية وهم من أقدم سكان معان وإرتحل بعضهم إلى الشام، وإرتحل آخرون إلى جنوب فلسطين، وقسم آخر هاجر إلى حوران وإستقر في بلدتي الشجرة و المغيّر القريبتين من إربد ويُعرف بعضهم آل المعاني. أما * الدكتور سعد أبودية في كتابه( ) : فيرجح أن عشيرة الخورة هم من سكان خور وادي عربة (Bight or Creek ) أو من الخواوير من حرب. وهو أيضاً يذكر رواية أنهم من بقايا الفرنجة الصليبيين ، ويذكر أيضاً رواية أنهم من فلسطين من بيت جالا، ولكنه ينكر هذه الروايات كلها ويرجح أنهم عرب أقحاح. ولكنه يعود ويورد بعض أسماء من عشيرة الخورة وردت في السجلات العثمانية مثل: محمد جعفر محمد الخُوْرِي بالتهجئة التي تعني الإكليركي أو راعي الأبرشية وأيضاً : زنُّوني عواد الْخَوَرَة ، الْخَوَرَة جمع الخوري أي رجال الدين المسيحي .وهذا يناقض قوله أنهم من وادي عربة . أما الكاتب والمؤرخ والباحث * حنَّا عماري في كتابه قاموس العشائر في فلسطين والأردن * فقد ذكر أسماء 3 ثلاثة عشائر تحمل إسم الخورة وهي :
*1-خورة:الخورة: من عشائر فلسطين المسلم ، وهم من عشيرة المحارمة، ومنازلهم في قرية عجور – الخليل }وهم هنا بيت القصيد ومن سأتطرق إليهم في هذه الدراسة وهم أهلنا{ .
*2-خورة:الخورة: من عشائر فلسطين المسيحية، أصلهم من الكوالحة في الشوبك، وتضم الكوالحة وعائلات غانم الجمالية وبولص وجريس والشالح والبدوي واليتيم وعيسى حنه . سكن قسم منهم في حارة الصرار في بيت جالا ، (وهذا ما يدل على علاقة القربى بين هذه العشائر الثلاث –الخورة- ).
*3-خورة:الخورة :من عشائر الأردن المسلمة، يقال أنهم ربما يكونون من سكان خور وادي عربة، وقد يكونون من بقايا الفرنجة الصليبيين، والحقيقة أنهم من رجل دين مسيحي إرتحل إلى معان الشامية من بيت جالا بفلسطين وإستقر فيها وأسلم وسكن منطقة معان الشامية، وهم من قدامى سكان معان. سكنوا قلعة النمر، ويتفرعون إلى عائلتين هما :
أ- عائلة آل زنونة .
ب- عائلة آل الجمل .
ومن عائلاتهم:آل جعفر و آل حسين و آل عواد و آل علاوي و آل السلايمة و آل إعقيد و آل عوض الله .
* الخورة على ألسنة أهلنا المسنين وختيارية الحمولة *
يروي أهلنا وأجدادنا وجداتنا أن جدنا الخوري عاش في عهد المماليك ، وكان إسمه جوزيف ،وكان يعمل خوري (راعي كنيسة أو أبرشية) {Clergman} . في قرية صغيرة في وسط فلسطين إسمها دير رافات .{Deir Rafat} .وهي قرية تقع على السفح الغربي لجبل متوسط الإرتفاع ، وتقع على بعد 26 كيلومتر غرب القدس، وأيضاً هي واقعة ‘على المنطقة الشمالية الغربية من بيت شِمِِش Beit Shemesh .وترتفع عن سطح البحر حوالي 300 متر. وكان في القرية مسجداً واحداً يعرف بمسجد الحاج حسن. والقرية حطمت بالكامل ما عدا الدير. وأغلب سكانها هربوا من القرية بعد إحتلالها من قبل لواء Har'el- - .في العملية داني أثناء حرب 1948. والعجيب أن جدتي كانت تذكر لي أنه كان في حارة الصرار. وأنا أذكر أن حارة الصرار كانت تتردد كثيراً على لسانها . والمعروف أن حارة الصرار هي في بيت جالا، ولعل قرية دير رفات كان فيها حارة تسمى الصرار. أو أن الرجل كان من بيت جالا وكان يعمل خوري (راعي أبرشية أوكنيسة ) في الدير (دير رافات) فقد كان الختيارية والختياريات يذكرون حارة الصرار كثيراً في حكاياتهم وكانت جدتي رحمها الله تذكرها بنوع من الخرافة أو الأسطورة الغير قابلة للتصديق. فكانت تروي كيف أنه أسلم ورجع إلى أهله معلناً إسلامه ومجاهراً به . فحاول أقربائه أن يثنونه عن إسلامه ولكنه رفض وظل متمسكاً بإسلامه. إلى أن حاول أهله قتله وإتفقوا على ذلك ولكنه هرب منهم بمعجزة إلًهية صعبة التصديق. ولكن أنا هنا أروي القصة مبتعداً عمَّا كانت ترويه جدتي وأبي من ما لا يستطيع العقل تصديقه وكنت أقول لنفسي :حديث خرافة يا جدتي . فهذه الأعمال هي للأنبياء والرسل .وإنما إختلطت عليهم الأمور فخلطوا قصص الأنبياء والرسل بقصص أجدادهم . فنحن بطبعنا نُكبِّر الأشياء لإظهار عظمة الأموات وهذا شأننا مع الماضي . فأجدادنا عندهم خيال واسع والخرافات صنعت وإخترعت في جيل من الأجيال وهي مصدر أفكارهم في الدين والتاريخ والفلسفة وهي فكرة بدائية صُبِغتْ بصبغة المغالاة لإظهار أهمية حادثة حقيقية في جيل زال أثره من ذهن الناس وقد كانت الخرافة ديناً للناس .لذلك أنا لن أتطرَّق لرواياتهم في قصة هروبه ونجاته من أهله في حارة الصرار في دير رفات كما ذكروها وأيضاً رواياتهم عن ما واجهه في رحلته وهجرته إلى عسقلان . فهي روايات وقصص تشبه إلى حد كبير قصص الصحابة والأولياء فكنت لا أصدقها ولا أستوعبها ولكني أفهم منها أن الرجل أسلم في ظل ظروف ما. لا نعرفها ثم إنه فرَّ بدينه إلى عسقلان على شاطئ البحر جنوب فلسطين وتَسَمَّى بإسم الشيخ أحمد وعمل نجاراً وحداداً ليعيش ويأكل من كد يديه وتعبه. وتصادف أن إلتقى بأحد أهالي عجور وقد كان مخاصماً أهله وبلده ومهاجراً وهارباَ منهم . وكان من عائلة المحارمة، وكانت له إبنة وحيدة تزوجها الشيخ أحمد وأنجب منها الأولاد والأحفاد وهم ستة أفخاذ :1- أبوإسماعيل الذي أعتقد أنا شخصياً ولإعتبارات قوية أنَّ إسماعيل هذا هو أكبر أولاد الشيخ أحمد سناً كما فهمته من روايات جدتي ولكني للأمانة العلمية لا أجزم بهذا . 2- موسى الحاج. 3- الشيخ محيسن. 4- أبو إصبيح. 5- جبريل. 6- أحمد الشيخ. وظلَّ هو وأولاده يعملون بالنجارة والحدادة إلى أن مات نسيبه والد زوجته المَحْرَمي العجوري ، فعاد هو وزوجته وأولاده وأحفاده إلى عجور. وهناك تورث جميع أملاك حماه والد زوجته. ويذكر جميع اختيارية الخورة قصة لا بدَّ من ذكرها لطرافتها وأهميتها، فهم يقولون أنه كان في قرية عجور والياً من ولاة المماليك إسمه كنعان، وكان يسكن منطقة تسمى عكبر، وهي الآن خربة من خرب عجور وكان أهالي عجور يدفعون لهذا الوالي العشر من كل شىء حتى الزيت والسمن، وكان أيضاً ظالماً غاشماً متحكماً في الأهالي، وكان الشيخ أحمد بسبب خلفيته الدينية له زاوية دينية وطريقة صوفية، فإتفق مع أهالي عجور أن يخلصهم من هذا الظالم الغاشم بشرط أن (له ثلثي البلد مْقَوَّر) إن خلصهم منه. واتفقوا على ذلك وأعطوه عهودهم ومواثيقهم وأختامهم . ثم إنه إستعان بالبدو والذين حول القرية ، وأغراهم بالمال والمواشي وقصور هذا الوالي، وهاجمه في الفجر هو والذين معه وقتلوا كنعان عند منطقة سمِّيت عقبة كنعان. وقتلوا قائدهم المسمى الجمل فسميت المنطقة بمكسر الجمل ويقول إختيارية الخورة أن جميع هذه التسجيلات موثقة في الأستانة. ولأن الشيخ أحمد وأولاده وأحفاده كانوا قليلي العدد بالنسبة إلى عشائر وحمايل القرية ، والعرب يحبّون العزوة والمنعة والقوة ، لذلك ضمَّ إليه قادمين جدد لقرية عجور وأزال عنهم لقب (الغربية)الذي كان يطلق على كل غريب لا يملك أرضاً في عجور. فإقتطع لهم من أرضه وأسكنهم فيها وناسبهم وصاهرهم ليزداد بهم منعة وقوة وعزوة ،وأذكر أنه قال لي أحد إختيارية آل أبو مرار أن مرار وعايش كانوا أولاد عمومة للشيخ أحمد. فبعد أن إستقر له المقام في عجور إستقدمهم عنده وإقتطع لهم من أرضه وأسكنهم بجواره ليقوى بهم. ثم إنه أيضاً تحالف مع عشيرة القواسمة وكانوا يدفعون في الدم مع بعضهم البعض وكأن جدهم واحد أو حمولة واحدة. أو لربما بسبب خلفية الشيخ أحمد الدينية، فقد كان متديناً صاحب زاوية دينية وهو شيخ طريقة صوفية ، وكان القواسمة من نسل قاسم أحد الدعاة الفرس وكانوا شيوخ زوايا، فصار بينه وبينهم نسباً وصهراً وصلة قرابة.
كانت عشيرة الخورة تسكن في الجهة الغربية من عجور، وأيضاً الجهة الجنوبية الغربية من عجور، وكان بيت جدي الحاج محمود يقع شرق مدرسة عجور مباشرة حوالي أقل من (100)متر تقريباً .
شاركت عشيرة الخَوَرَة في واجب الدفاع عن عجور وعن القرى المجاورة كبقية عشائر عجور، وقدمت من الفدائيين المجاهدين والشهداء الأبطال وفي دروب المجد الكثير الكثير منذ بداية غزو الصهاينة لبلادنا حتى الآن شاركوا في الكفاح والنضال مشاركة فعالة: أمثال المناضل خليل خالد الحاج موسى الخورة رحمه الله تعالى. الذي إشترك في إحتلال مستعمرة رامات رحيل ، وكان من ضمن قوات الجهاد المقدس . وإشترك في الدفاع عن بيت نتيف وعرتوف وبيت الجمال وخربة المالحة. وأيضاً أستشهد في مذبحة عجور محمد موسى عامر. وكان أبوأحمد الخورة الملقب بأبو غالب: إبراهيم عبدالفتاح الخورة أحد قادة الجهاد العظام في حركة التحريرالفلسطيني فتح. وفي آخر حياته الحافلة بالنضال إستلم موقع مسؤول التسليح والتزويد في الحركة وكان مساعداً أول لعرفات. وأيضاً كان أبو جهادعبدالرحمن الخورة أحد القادة في الجبهة الديمقراطية لتحريرفلسطين وخاض عدة معارك مع الثوار ضد اليهود. وأيضاً أبومحمود أحمد الخورة في قوات الصاعقة. والكثير الكثير من الخورة شاركوا في الدفاع عن ثرى فلسطين وفي حركات التحرير ودروب الجهاد المقدس كبقية أهلنا في فلسطين الغالية. التي ستظل في قلوبنا ونَحِنُّ لها مهما طالت الأيام ولن ننساها أبداً جيل بعد جيل ما دام فينا عرق ينبض وطفل يحبي. فأنا خرجت منها وعمري ست سنوات وما أزال أشم رائحتها الزكية الفوّاحة (فلسطين) إلى الآن وأنتظر اليوم الذي تزحف فيه جحافل المجاهدين الفدائيين لتحرير الأرض وأكون في طليعة هؤلاء .
كثيراً ما كنت أُثير مشاعر وعواطف وأحاسيس الإختيارة حينما كنت أستعيد ذكرياتهم عن عجور، الجبال والوديان، خربها ومراحها، سهولها وشِعَبِها وحواكيرها. فكنت أسمع منهم عن خربة السطح وسهل الشحادات وخربة سعادة وغرس أبومرار وأرض البيادر وخلة الدير ومقام الشيخ المسيد فيحكوا لي عنها ويوصوني بها ويقولون هذه أرض الخورة لا تتخلّوا عنها لليهود الملاعين. كنت أسمع من الإختيارية عن جبل القنة وكيف كانوا يصعدون إلى أعلى قمة فيه ليروا البحر ويستمتعوا بهوائه العليل في الليل وكيف كانوا يشاهدوا السفن والمراكب وهي تجري فيه من بعيد.
ولا بد لي من ذكر قصة عن جلاء جدي عن عجور وخروجه منها إلى شرق الأردن معان والطفيلة إثر قتله رجل بالخطأ وتآمر عليه بعض رجالات عجور من الْغُرْبِيَّة، وأيضاً هناك الكثير من المبالغات في قصة هجرته ولكن أذكر أنه تزوج من بدوية من شرق الأردن وهي بنت شيخ من الشيوخ هناك وإسمه الشيخ ذياب العوران وكانوا يسمون جدي هناك بلقب (الدمشقي) وعندما إشتاق لرؤية أهله إستأذن من نسيبه وعاد لعجور ولكن أعداؤه كانوا له بالمرصاد فهرب إلى مرج إبن عامر وتزوج هناك من تركمانية ورزق منها بإبنة. ولكنه رجع إلى عجور بعد أن سمع أن أهلها أرادوا تزويج بنات عمه غصباً إلى بعض الرجال وإستطاع بعزيمته وقوته وبطشه أن يتغلب على أعدائه ويأخذ بنات عمه ويزوجهن لمن أراد هو. من أقاربه وتزوج هو من أصغرهن. ولكنه بقي يتردد على زوجته الثانية بمرج إبن عامر حتى أواخر أيامه .
أذكر هذا لأثبت أنه لربما أنه لنا أقارب في شرق الأردن أو شمال فلسطين، وهذا يدل على ترابط وتشابك النسب في بلاد الشام، وأسماء العشائر والحمايل يدلل على ما أقول. وهذا التشابه يجعل من الصعوبة بمكان أن تتأكد من صلاة القربى بين هذه العشائر والحمايل بسبب تنقلات هذه العشائر إن كانت أفراداً أو جماعات في بلاد الشام . وعلم الأنساب هو علم يبحث في أصول الإنسان وفروعه. ولكننا لا بد لنا من تذكر حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأجل ، مرضاة للرب .
- شجرة عشيرةالشيخ أحمدالخورة(جوزيف)الخوري الأول له ستة أفخاذ هم: 1-أبوإسماعيل وأخوه أحمد ثم محيسن وصبيح وموسى وجبريل.
أولاً - : أبوإسماعيل له من الأولاد ثلاثة هم: خليل ومسعود وعقل .
1- عقل: أنجب ولدان هما إبراهيم وعامر وكان يسمى بعامر العنتري . أما إبراهيم فلم يعقب . وأما عامر فله إبنتان : الأولى: صفية وقد تزوجت مع عائلة القواسمة . أما الثانية :رضا وقد تزوجت مع العجارمة .
2- مسعود: أنجب حمدان. وحمدان له إبنتان وولد.الولد إسمه حسن مات وعمره عشرة سنوات بالحصبة. والبنتان هما رابعة و سعدة
3- خليل:له ولدان هما محمد و إبراهيم . أما محمد فله ثلاثة بنات: نجلاء تزوجت مع العودة وهند تزوجت مع آل أبومرار و هادية تزوجها جَدِّي الحاج محمود . أما إبراهيم فأنجب جَدِّي الحاج محمود الذي أنجب أربعة أولاد وبنت وهم الحاج أحمد ومحمد ومصطفى وعبدالرحمن وفاطمة التي تزوجت مع آل أبوطه
ثانياً : أحمد وله من الأولاد إثنين هما
1- عبدالله وأنجب ولدان هما إبراهيم ومصطفى.
2- إسماعيل وأنجب ولد واحد هو خليل.
ثالثاً : محيسن وله ولد واحد هو أحمد وأنجب ولدان هما:
عبدالقادر. وعمر . أماعبدالقادر فله إبنتان فقط هما
دلال ولوليا . وأما عمر فله ثلاثة أولاد وبنت هم محمد
ومحمود وخليل وفاطمة
رابعاً : أبوإصبيح الذي أنجب ولداً واحداً هو علي . وعلي
أنجب ولدان هما عبدالفتاح و محمود .
خامساً : موسى الحج:وله من الأولاد ثلاثة هم:
1- خالد والذي أنجب خليل وله ولدان وبنت.
2- إبراهيم وله ولد واحد هو عبدالفتاح الذي أنجب ولدان هما إبراهيم و هاني.
3- حسين : وله من الأولاد إثنان هما عبدالعزيز و محمد .
سادساً : جبريل والذي أنجب ولد واحد هو محمد ويلقب ب
أبوخضرة وله من الأولاد ثلاثة هم
1- أحمد . 2- الشيخ إسماعيل . 3- محمود .
أما ثلثي الخورة الإثنين وهما ثلث أبومرار وثلث أبوعايش فمعلوماتي عنهم ليست كاملة وأرجو أن أستكمل هذا النقص حتى لا أظلم أحداً منهم كما فعل غيري .
مع شكري وتقديري لموقعكم وبارك الله فيكم والسلام عليكم.
أخوكم : محمودأحمدمحمودالخورة.