| المقال |
«تقرير إخباري»
رام الله – الحياة الجديدة – نائل موسى - مثل كل فتاة محبة سعت مي خشان المثقفة الفلسطينية المتحدرة من قرية سحماتا قضاء عكا والمقيمة في مخيم برج البراجنة للاجئين في لبنان لترتيب حفل زفافها في أحب زمان ومكان إلى قلبها، وفلسطين هي قبلة عشق «مي» الأبدي. وعلى ترابها ورغم عائق تصاريح الاحتلال تحقق حلم ليلة العمر.
لم تساور مي وعريسها عمار اليوزباشي من مخيم البداوي، يوما تطلعات الى حفل زفاف مترف في فندق ذي نجوم كثيرة أو قاعة تتسم بفخامة ولم يسرحا بخيالهما نحو بر أو بحر جزيرة نائية، فأي مكان في فلسطين وبين أهلها يكفي.
ومنذ بدأ الخطيبان، التخطيط لتنظيم حفل زواجهما السعيد حلما بتنظيمه في فلسطين الحب والوطن المحرومين منه والفكرة التي كانت ضربا من أحلام يقظة بدت وكأنها في متناول اليد بوجود الملتقى الفلسطيني الثقافي التربوي الذي ينظم للعام الثاني على التوالي على ارض الوطن بمشاركة أبناء من مخيمات العودة والشتات حول العالم.
والفكرة اختمرت لدى العروسين عندما رشحا للمشاركة في نسخته الثالثة الملتقى الفلسطيني الثقافي التربوي الذي تقرر إقامته على ارض فلسطين، غير ان الاحتلال تصيد الحلم وأجهضه بحرمان العروس من تصريح ناله العريس فقررا تأجيل زفافها عاما كاملا بانتظار الملتقى الرابع وهذه المرة حصلت مي على تصريح وحرم منه عمار الذي اصر على تحقيق جزء من حلم عمرهما بالزواج على ارض الوطن مكتفيا هو بمتابعة الحدث السعيد بقصر رام الله الثقافي عبر الهاتف.
وتروي مي بسعادة وثقة حكاية العرس الحلم والأمل الذي سيضمها الى رفيق الدرب وتأخذك التفاصيل الى البداية وتقول تعرفت إلى عمار في الجامعة العربية الامريكية انا درست علم النفس وهو علوم حاسوب كانت موائد النقاش الساخن هي أكثر ما جمعنا بلغ بنا الأمر الى حد الجدل الصاخب.. ربما كانت لكل منا رؤيته وزاوية تفكيره إزا كل ما يثار، ولكن حب فلسطين والشوق الدائم للوطن وحنين العودة كان طاغيا لدى كلينا وقاسما مشتركا له مفعول السحر في ترطيب الأجواء وعامل جذب.
ورويدا شعرت ان عمار بتفكيره ومبادئه يكمل شخصيتي، وشعرت انه جزء مني وتطورت صداقتنا وتحولت إلى حب تكللت بالخطوبة بعد أن عملنا بكد على تحقيق ذاتنا.
وعندما علمنا العالم الماضي انه وقع علينا الاختيار لنكون معا ضمن الملتقى الثالث 2010 شعرنا ان الحظ يحالفنا واختمرت لدينا فكرة اقتناص الفرصة التي لاحت لاتمام مراسم الزواج وإقامة حفل الزفاف على ارض الوطن.. رتبنا ان نعقد قراننا كذلك في فلسطين.. لكن الاحتلال كعادته يتربص بأحلامنا ويومها حصل عمار على التصريح وحرمت أنا منه، يومها وقع علينا الخبر كالصاعقة وقررنا التأجيل بانتظار ان نحققه في الملتقى الرابع ولكن هذا ديدن الاحتلال هذه المرة حصلت أنا على تصريح وحرم منه عمار.
وبخصوص موقف أهل العروسين ومدى ترحيبهم بالفكرة قالت مي: عندما افصحنا عن قرارانا واجهونا باعتراضات.. الأهل لا يريدون تفويت فرصة الاحتفال بزواج بناتهم وأبنائهم وقوبلنا بمعارضة انطلقت من حق الأهل في مشاركتنا حفل زفافنا بإقامته هناك وأمام إصرارنا بدأت الأمور تتغير وبارك الأهل الفكرة ولكن أيا من أبناء عائلتي لم يكن برفقتي.
ولم يكن الأمر سهلا ان احضر دون خطيبي لكن عمار ابلغني بضرورة إتمام المراسم في فلسطين دونه.. اتصل بي بعد الحفل مباشرة غمرتنا السعادة وانا قررت في داخلي ان اقيم حفلا بعد رجوعي إلى لبنان ليفرح عمار والأهل سأرتدي فستان الفرح الأبيض ولكن بعد ان أضيف عليه تطريزا من الحرير بيدي.
وانا وعمار- تقول مي بفجر- لم نعد عروسين محبين وصديقين فقط فلنا اهتمامات مشتركة ورؤية راسخة مشتركة، اليوم كلانا يعمل في حقول العمل الاجتماعي في خدمة شعبنا في الشتات حيث وجدنا نفسينا في هذا المجال ونحن نقدم ما نستطيع في الحقل ولكن ضمن مؤسستين مختلفتين.
كنت أريد للفرحة ان تكتمل بوجود عمار الى جانبي وبالعودة وان كانت مؤقتة وللحقيقة انا هنا أعيش الفرحتين الكل كان في مقام عائلتي وأهلي شعرت بذلك وانا اتقدم بين الناس باتجاه الخشبة ضمن هذا العرس الفلسطيني الذي أعد لنا.. الأغاني والسحجة والهتافات كانت تفيض بحب غمرني به الجمهور خلال الحفل كانت لحظات لن أنساها، سأقصها على أولادي وعلى أحفادي وأنا على ثقة أنهم سيفخرون بقرار والديهم لو عشت مئة سنة ستبقى هذه اللحظات ذات دلالة خاصة مرتبطة بالهوية والأرض والانتماء والتراث.. وبمثابة قصة فرح وسرور جديدة احكيها في كل مناسبة.
الحياة الجديدة
الاحد 15 أيار (12 جمادى الآخرة) 2011
|
| Preview Target CNT Web Content Id |
|