رجال النضال والمقاومة/.. مصلح فايد
كان شراء بندقية أمراً صعباً جداً على أهل بيت دجن، فالبندقية الجديدة قد يصل سعرها إلى 170 جنيهاً فلسطينياً، ناهيك عن أسعار طلقات الرصاص! وقد وجد المناضل مصلح محمد سعيد فايد (مواليد بيت دجن عام 1929) طريقة «أسهل» للحصول على بندقية.
تعود الحادثة كما يرويها مصلح في عمّان (16 كانون الأول 2010)، إلى عام 1946 أو 1947 حينما كان يعمل مساعداً لمدير أشغال والد زوجته يحيى الناطور الذي كان يدير تجارة البرتقال تحت اسم «ماركة باشا» وعليها صورة طربوش الملك فاروق(40). وفي صباح أحد الأيام وصل مصلح دوار بيت دجن بصحبة الحاج صالح ظاظا الشامي، ورأى يهودياً اسمه روبن الجدع على بعد مئة متر من الدوار، ومعه بندقية وعلى وسطه حزام به مئة رصاصة. قال مصلح للشامي: «شو رأيك أحضر لك بارودة؟»، رد عليه الشامي: «اذهب وأحضر ساندويشة أحسن لك!». اقترب مصلح من اليهودي قائلاً: شالوم.
رد روبن بالعبري: تكلم باللغة العربية!
قال مصلح في داخله: وَقعتك سوداء!
كان روبن يضع عقب البندقية على ظهر حذائه ويمسك بها قائمة بيده.
قال مصلح: إلى أين تريد الذهاب؟
رد روبن: إنني أنتظر باص تل أبيب.
قال مصلح في داخله: إن صح لك أن تروح.
كانت الباصات في تلك الأيام تأتي إلى دوار بيت دجن لتحميل الركاب، وكانت تتبع شركة باصات يوسف بامية أو باصات إيجد.
انتظر مصلح اللحظة التي يلتفت فيها روبن إلى اليمين أو اليسار ليسحب البندقية من يده. وهذا ما حصل، فقد كان روبن على عجلة من أمره لكن الباص تأخر، ومع اقتراب الباص من بعيد التفت إليه روبن، وفي اللحظة نفسها استولى مصلح على البندقية وبها رصاصة في «بيت النار» وهدده بقتله إذا لم يُسلِّم الرصاصات المئة.
يقول مصلح: «توسل لي روبن وقال: لا تقتلني، عندي ولد صغير، وأم وأب»، وسلّم الرصاصات. حدث ذلك قرب مركز البوليس، ولم يتدخل ضابط المركز عيد البلتاجي أو الشاويش مصباح.
أسرع مصلح بالبندقية والرصاص إلى بيت عمه وقابل خطيبته وطلب منها قطعة قماش وقام بلف البندقية والرصاص وأخفاها في مواسير 8 إنش ممدودة تحت مصطبة (عتبة) الدار. وقام مصلح بتبديل ثيابه بثياب مختلفة (قمباز وسروال وحطة وعقال) وطلب من سائق من آل شلباية من العباسية أن يذهب به إلى ياسور/ غزة حيث وصلها بعد ساعتين من الحادثة. وعاد مصلح إلى بيت دجن بعد خمسة أيام، وكان كلما قابله أحد الرجال بادره بالسلام قائلاً: «مبروك البارودة»، كما قابله عيد البلتاجي وقبّله قبلتين وبارك له بالبارودة ومنحه 250 رصاصة.