طارت الأيام والسنين بصعوبتها ومرها ومعها فؤاد غادرنا بجسده، ولكن روحه وخياله معنا، كل شيء في البيت فيه من أثره، خزانته وثيابه فيها، حتى غليونه في مكتبه ومكتبة كتبه ودفاتره التي درس فيها في موسكو، ملفات جلسات نقابة المعلمين قبل سنة 1948 مذكراته أثناء زيارته للصين، تشيكوسلوفاكيا وبولونيا، هو موجود في وجداني كل مشكلة صعبة تواجهني أفكر كيف ممكن أن يحلها فؤاد لو كان موجودا أجد الحل. إنه يعيش معنا في تفكيرنا رائحته في البيت تفوح من ثيابه التي ما زالت موجودة في خزانته. يأتي أحفاده لزيارتي يطلبون أن أفتح لهم خزانة ثيابه ليشتموا رائحته ويقولون دائما "ستي إحكي لنا عن سيدي" هناك رفاق يقولون لنا من هو فؤاد خوري لماذا لا نعرف عنه شيئا "احكي لنا حتى نحكي نحن أيضا عنه لأصدقائنا الرفاق.
فؤاد خوري ابن يافة الناصرة وهو أيضا ابن الناصرة ولد في 19 كانون الأول من سنة 1919 والده جابر خليل خوري من قرية يافة الناصرة من حمولة المرجية ومن وجهائها. جده الأرشمندريت (رتبة كهنوتية) خليل خوري كان مشهورا بكرمه وحسن ضيافته، بيته مفتوح لاستقبال الضيوف من داخل البلاد ومن خارجها كان ديوان جده ووالده ملتقى للأصدقاء من كل الفئات، المثقفون والمعلمون وكبار العائلات في السن يجتمعون في هذا الديوان وعلى الأخص أثناء الصيف فكانت تقام ندوات سياسية واجتماعية ودينية وندوات شعرية.
عاش فؤاد في هذا البيت لهذه الأسباب تربى فؤاد على الصفات المميزة والأخلاق الحميدة والحس الوطني وحب الأرض والقرية.
كان والد فؤاد "جابر الخوري" مديرًا في مدرسة كفركنا وكان يسكن مع عائلته فيها لذلك بدأ فؤاد دراسته الابتدائية في مدرسة كفركنا وكان خارق الذكاء. أكمل دراسته الإعدادية في الناصرة وانتقل للسكن في بيت جده الخوري خليل أبو جابر خوري، وكان فؤاد يحصل على المرتبة الأولى في الدراسة وكانت تظهر على صفاته الرجولة منذ صغره متحمسا لوطنه وكان جده يشجعه لقراءة الكتب والأشعار الوطنية ويفهمه عن كرهه للإنجليز الذين جاءوا أوصياء علينا، وكان يشجعه أيضا لأن يربي له أصدقاء من القرية ويدعوهم لزيارته في بيت جده ويقوم باكرامهم.
وفي أحد الأيام لم يكن جده في البيت بينما كان يدرس جاءهم أحد الأشخاص ولم يكن فؤاد يعرفه فقالت له الجدة هذا الشخص يطلب مساعدة للمناضلين وأنا لا يوجد معي شيء وجدك غير موجود، لذلك أسرع فؤاد إلى محفظته وأخرج منها كل ما لديه من نقود وأعطاها للسائل، وعندما عاد الجد إلى البيت قصت الجدة عليه ما حدث فأثنى عليه قائلا علينا أن نقدم كل مساعدة لهؤلاء المناضلين.
ذهابه إلى صفد لإكمال الدراسة الثانوية:
كانت العادة المتبعة أن يرسل تلميذان الأول والثاني الى الكلية العربية في القدس وتلك السنة لم يكن بالامكان الذهاب الى القدس لأن التسجيل قد انتهى ونصحه المفتش بأن يتعلم في الكلية الإنجليزية في صفد أي كلية (سانت لوقس) على اسم مستر سامبل.
أنهى الصف الثاني ثانوي في صفد وفي السنة الثانية انتقلت الكلية إلى حيفا كلية "سانت لوقس" على اسم سامبل تقع غربي حيفا قرب العزيزية وهذه الكلية استوعبت أبناء ميسوري الحال ولبعدها عن المدينة خُصص باص لنقل الطلاب.
كانت هذه الفترة بدء الثورة الفلسطينية وكان في المدرسة طلاب يهود وعرب حدث شجار بين الطلاب اليهود والعرب كان فؤاد الزعيم عند الطلاب العرب، رفع الأمر إلى مدير الكلية الى مستر سامبل، كان جوابه هذه المدرسة فتحت للطلاب اليهود وليس للطلاب العرب. هذه الجواب أثار الطلاب العرب كثيرا وانتخبوا فؤاد قائدا لهم واتخذوا قرارا بالاضراب وبدأ الاضراب بقيادته، هذا أزعج بعض أولياء أمور الطلاب، طلبوا منه فك الاضراب لكنه رفض وأصر الطلاب أيضا على استمرار الاضراب حتى يعتذر المدير ويسوي الأمور.
بقي الإضراب لفترة حتى جاء بعض أولياء الأمور مثل داود الكارمي قائم مقام مالي في حيفا، جريس خوري، أحمد بيك الخليل، بسيلا جبور من وجهاء حيفا فريد السعد قائم مقام حيفا، حاولوا اقناع الطلاب بحل الإضراب لكنه رفض كل محاولاتهم، ذهب السيد بسيلا جبور وكان صديقا لعم فؤاد الذي يسكن في منطقة في وادي الجمال في حيفا وطلب منه أن يقنع فؤاد بحل الإضراب فعندما سأله عن سبب الإضراب وعرف السبب أجابه: الحق معه وكان الجواب غير ممكن حل الإضراب. أخيرا ذهب قسم من أهل الطلاب الى أبي فؤاد في كفركنا حتى ينصح ابنه بحل الإضراب أخذ أبو فؤاد ورقة وكتب عليها: "أريد أن تكون سجينا وأزورك أو مريضا وأعودك أكمل".
ووقّع وسلم الورقة في ظرف مغلق للوجاهة التي كانت من بسيلا جبور وأخ داوود الكارمي، فض الرسالة وقرأها ثم سلمها لأحمد بك الخليل قائلا له إقرأ هنا المفاجأة! حينئذ قال ما هذا يا فؤاد نحن أيضا مضربون معك ومع الطلاب. هذا ما اضطر المدير لبحث الموضوع مع أولياء أمور الطلاب وفهم الأمر واعتذر ووعدهم بتحسين الوضع مع الطلاب العرب وحل الإضراب كانت الفرحة للطلاب العرب لكسبهم مطالبهم وتحمسوا استعدادا لتكملة الدراسة ونضالات أخرى.
آخر السنة الدراسية تقدم فؤاد لتقديم الامتحانات لأجل نيل الاجتياز للتعليم العالي وكانت العادة في هذه الكلية أن يقدم الامتحان في القدس مع مجموعة منتخبين من كل الكليات، لذلك ذهب إلى القدس وقدم الامتحان وكانت نتيجته بامتياز. النتيجة الأولى في فلسطين.
بعد هذا النجاح وصله طلب مستعجل للذهاب الى القدس لارساله للفحص الطبي استعدادا لارساله الى انجلترا لاكمال تخصصه في الموضوع الذي يريد ولكن بعد أن بدأت وجرت التدخلات والطلبات والوساطه بأن هناك من هو أحق من فؤاد من ناحية مادية تأجل ارساله لذلك طلب أن يدرس في الكلية العربية سنة أخرى تربية وعلم نفس، ثم عين مدرسا في المدرسة الثانوية في الناصرة، كان جل اهتمامه بالطلاب الذين بدا عليهم الوعي والرجولة والاستعداد للتضحية وحب الوطن.
في هذه الفترة فُتح المعهد البريطاني أخذوا فؤاد ليدرس اللغة الانجليزية، والتحق بالشباب الذين كانوا يقيمون الندوات السياسية وبدأت تتفتح الرغبات والنقاش في الماركسية.
في هذه الفترة عاد فؤاد نصار من العراق سنة 1943 وهو يحمل الافكار الشيوعية والكتب الماركسية، كان فؤاد خوري يسكن في هذه الفترة بالناصرة (في غرفة صغيرة في بيت رؤوف نصار ابن عم فؤاد نصار). كان فؤاد نصار ملاحقا من الشرطة لذلك كان يأتي الى بيت ابن عمه رؤوف نصار بعيدا عن أعين الشرطة وكان ينام في نفس الغرفة مع فؤاد خوري، وكان فؤاد نصار قد أحضر معه الكتب الماركسية باللغة الانجليزية لذلك كان يطلب من فؤاد خوري أن يقرأ معه هذه الكتب ويترجم لفؤاد نصار وهكذا درس فؤاد خوري هو وفؤاد نصار كتاب رأس المال والاقتصاد السياسي وأصبح عارفا ضليعا بالأفكار الشيوعية.
بدأ النشاط السياسي في المعهد البريطاني والمدرسة التي كان يعلم فيها وكان معه صديقه رشدي شاهين من نابلس الذي هو أيضا مدرس للغة العربية في المدرسة الثانوية بالناصرة مع فؤاد، وكان نشاطه السياسي في المعهد البريطاني، وفي هذه الحالة أبعد مع صديقه رشدي شاهين إلى الخليل.
كان لفؤاد صديق من الخليل اسمه أديب نصرالدين وكان في تلك الفترة يعمل في مخيم للتسوية أو المساحة في منطقة كفركنا وهو أيضا لصلته مع فؤاد كان نشيطا سياسيا. عندما عرف أن فؤاد نفي أو أبعد الى الخليل سافر إلى الخليل خصيصا إلى بيته وأهله وأوكلهم باستضافة فؤاد قائلا لوالده: سيبقى فؤاد عندكم أنت والده وامرأتك والدته. وهكذا وجد فؤاد بيتا سكن فيه مثل ابن لهذه العائلة لمدة ستة أشهر، ثم أقامت دائرة المعارف سكنا للطلاب والمدرسين. سكن فيه رشدي شاهين و فؤاد وكانت فرصة له للعمل وكسب المعلمين والطلاب الى جانبه علمهم اللغة الانجليزية والماركسية وأصبح هو مدير السكن.
العودة الى الناصرة والعمل في صفوف العمال
في أثناء الدراسة للسنة الثالثة أعفي من الابعاد وعاد الى الناصرة.
في تلك الفترة انتعشت في الناصرة حركة العمال والنقابيين والطلاب وكان لفؤاد نصار دور كبير في العمل في صفوف العمال وانبثق عن ذلك تنظيم عصبة التحرر الوطني في فلسطين انتخب فؤاد نصار عضوا في اللجنة المركزية مع أنه كان غائبا وانضم فؤاد خوري لهذا التنظيم وأخذ أدوارًا قيادية فيها ونشط في اقامة نقابة للمعلمين لترعى مصالحهم وتطالب بمطالبهم.
في سنة 1947 عندما صدر قرار تقسيم فلسطين في 29/11/1947 كان فؤاد نصار من أوائل الرفاق الذين أيدوا القرار كذلك فؤاد خوري مع أنه في البدء كان متعصبا جدا ولكنه وافق بعد النظر الى طبيعة الصراع وتوازن القوى التي كانت في غير صالح الشعب الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية. وكانت الموافقة التامة في 28/02/1948.
بعد النكبة في 16/07/1948 عند احتلال الناصرة كان فؤاد مع الرفاق الذين نظموا الحزب وكان في ذلك الوقت ما زال باسم عصبة التحرر الوطني، ولما عادت الحياة الى العمل بعد الاحتلال عين مدرسا في مدارس الناصرة مكملا نشاطه السياسي والحزبي.
فصل فؤاد من سلك التعليم في نهاية السنة الاولى في التعليم بعد النكبة.
بعد محاولات لاقامة نقابة المعلمين وبعد إلقائه محاضرة عن التعليم في آخر حزيزان سنة 1949 وكانت تحت عنوان "التعليم فن" أثار هذا التحرك دائرة المعارف وفُصل هو و500 معلم آخرين منهم أنا سميرة خبيص ولما أعلن مفتش المعارف أن من يريد العودة الى العمل والتعليم فليذهب الى المفتش حنا الخازن ويقدم تنازلا واعتذارا عن العمل السياسي ولكن فؤاد خوري لم يتنازل كذلك سميرة خبيص حينئذ.
أخذ دوره في قيادة الحزب كان فؤاد خوري ملاحقا من الشرطة مثل الكثرين من الرفاق المسؤولين، وفي كثير من المرات كان يختفي عن أعين الشرطة بأمر من الحزب لأنه كان يجب أن يبقى خارج السجن لقيادة العمل من كتابة المناشير أو التخطيط لفعاليات نضالية مختلفة وأحيانا تكون مدة الاختفاء لأسابيع وأحيانا لشهر أو حتى لأشهر حتى يسمح له الحزب بالظهور. والمهم أن الأصدقاء والرفاق كانوا يستقبلونه في بيوتهم بترحاب كبير. وقد تعلم أولادهم السرية في العمل والمساعدة في نقل الرسائل أو المنشورات له ومنه وفي احدى المرات وكان ذلك بعد الاعتقالات التي تمت سنة 1958 طالت مدة اختبائه عن أعين الشرطة لمدة أكثر من ثلاثة أشهر وهو يتنقل من بيت إلى آخر في الناصرة وفي يافة الناصرة وكفركنا حيث يوجد رفاق، وقد كتب في جريدة هآرتس أن فؤاد خوري مختبئ في السفارة السوفييتية وبالطبع كان هذا غير صحيح.
كان لفؤاد نظرة أممية وكان يقف دائما ضد كل من تسول له نفسه أن لا نكون حزبا أمميا من اليهود والعرب، كان يقف صلبا في هذه المواقف ففي سنوات 1963 و 1964 عندما بدأت الأنظمة العربية مثل مصر والجزائربقيادة عبد الناصر وبن بيلا يظهرون عداءهم للاستعمار وبدأت حركاتهم تعمل للتحرر من الاستعمار. كانت هنالك مشكلة في حزبنا قاربت أن يكون انفصال على اساس قومي وفي المؤتمر الخامس عشر كان الفصل في هذه النقطة حيث ناضل فؤاد خوري مع توفيق طوبي وماير فلنر أن نظل حزبا يهوديا عربيا ولأنه قد ناقش تأييدًا لحركة التحرر الوطني العربي وكان حينئذاك مرشحا للجنة المركزية، وقفت احدى الرفيقات اليهوديات واقترحت شطب اسمه من قائمة اللجنة المركزية مع أنه وقف صامدا مع الشق الذي اراد أن نكون حزبا يهوديا عربيا ولكن الاغلبية من الرفاق يفهمونه ويعرفون آراءه ولذلك انتخبوه في اللجنة المركزية، وأخذ مراكز هامة في قيادة الحزب في منطقة الناصرة والناصرة نفسها. وتقرر أن يعمل في العمل البلدي.
كان لفؤاد خوري نظرة هامة للعمل المشترك ودائما يقول يجب أن نعمل على ان يشترك معنا أناس آخرون لأنهم ايضا متضررون من الأوضاع، لذلك كان يقول في اللجنة المحلية يجب ان نعمل على اساس جبهة يشارك فيها كل المتضررين من سياسة الحكومة.
تقررت انتخابات سنة 1954 لبلدية الناصرة ولأول مرة كانت هذه الانتخابات على اساس النسبة وعن طريق قوائم لأن كل الانتخابات التي كانت قبل سنة 1954 على اساس شخصيات وفقط من ذوي الاملاك. ونتيجة لنضال الحزب بضرورة تغيير طريقة الانتخابات تقرر أن تكون في هذه المرة على اساس قوائم وهنا اقترح فؤاد في اللجنة المحلية بأن نوسع قائمتنا بحيث يكون معنا أصدقاء مؤيدون وأن تنزل هذه القائمة باسم الحزب وأصدقائه (الجبهة الشعبية) وهكذا كان، ومع أننا لأول مرة نشارك في الانتخابات البلدية فكان التأييد كبيرا وحصلنا على 6 مقاعد وكان هذا نصرا عظيما لحزبنا.
في انتخابات سنة 1965 شهر 12 كانت كذلك النظرة بان تكون قائمتنا باسم جبهة شعبية من الحزبيين وغير الحزبيين حصلنا فيها على سبعة مقاعد من 15 مقعدا، حصلت قائمة سيف الدين الزعبي على 4 مقاعد والقائمة المشكلة من عدة طوائف كانت قد حصلت على ثلاثة مقاعد وكان قائمة لحزب المبام ومرشحها عبدالعزيز الزعبي وحصلت على مقعد واحد. لم تكن الرئاسة في ذلك الوقت تنتخب اسميا وعلى انفراد كانت الكتله الاكبر تنتخب الرئيس منها وبما أنه كتلتنا لم تكن بالنصاب القانوني أصبح من الضروري أن نقيم ائتلافا مع أحد الأعضاء وبالطبع عبد العزيز الزعبي كان منفردا وفي هذه الحالة اذا لم يتم انتخاب رئيس فيظل المجلس معطلا وبالطبع الخسارة تكون لجميع السكان بالبلد لذلك جاء فؤاد باقتراج للجنة المحلية وللحزب بان نقيم ائتلافا مع عبد العزيز الزعبي على اساس ان يكون هو الرئيس لأن مصلحة الجماهير تتطلب ذلك وهكذا كان وقد توجه فؤاد وخليل خوري وتوفيق زياد بموافقة الحزب الى عبد العزيز بهذا الاقتراح ووافق أن يكون الرئيس وهكذا كان، ولما انتخب رئيسا بالطبع كانت فرحة لكل الجماهير في الناصرة وغيرها.
ولكن السلطة لا تريد هذا الوفاق فدامت البلدية بمجلس رئاسة عبد العزيز الزعبي من 21/12/1965 حتى 02/03/1966.
لم يرق للحكومة أن يكون الوفاق في البلد وأن يعمل المجلس المحلي لذلك ضغط حزب المبام على مرشحه عبد العزيز واستقال، وبذلك حلت الحكومة المجلس البلدي وعينت رئيسا يهوديا وبالطبع هذا لم يكن لصالح البلد ولا للجماهير العربية فقامت ضجة واحتجاج ولم يدم طويلا.
احترم المرأة وقدر دورها في المجتمع
كان فؤاد يحب الرفاق ويحب العائلة ويُجمّع بكل الطرق ويرفض القطيعة يحب الاطفال ويلاعبهم وهم يحبونه أيضا. أحبه كل الرفاق وأهاليهم فقد كان متواضعا لم يترك الرفاق الذين كانوا يقومون بالعمل الأسود في تنظيم الاجتماعات وحدهم وكان يقف معهم يساعدهم ويساندهم حتى انهاء العمل كان يزورهم بدون استثناء أحب العمل مع رفاق القرى وأن يحاضر في اجتماعاتهم، حتى أنه يوم وفاته وجدت في جيبه محاضرة كان عليه أن يقدمها لسخنين سلمتها حين توفي للرفيق سليم القاسم.
احترم فؤاد المرأة وقدر دورها في المجتمع فله قصة جميلة بهذا الخصوص. ذكرت سابقا أنه كان يعيش مع جده في يافة الناصرة وكانت تقام في هذا البيت الندوات والمحاضرات، وفي احدى الندوات كانت عن المرأة وعن حقوقها خصوصا النساء اللواتي كن يعملن في الحقل أو في تكسير الحجارة لمد الطرق ولم يأخذن حقهن لا في البيت ولا في العمل. فقام فؤاد وناقش هذا الأمر وناقش عن حق النساء في الاحترام في البيت وعندما أنهى نقاشه سمع الزغاريد من الجهة الأخرى في الديوان، حيث كانت تجلس النساء وراء الستار لأنه كان محظورا عليهن الجلوس في نفس المكان مع الرجال، لذلك عندما سمع الزغاريد تأييدا لحديثه قام ونزع الستار الحاجز بين مجلس النساء ومجلس الرجال وطلب من النساء الحاضرات ان يشاركن في مجلس الر جال وهكذا منذ ذلك الوقت صارت النساء تشارك في هذه الندوات في يافة الناصرة.
وعندما تركز عمل الحزب بعد النكبة سنة 1948 كانت فرقة النساء التي نشطت الى جانب الحزب وانتسب أعضاؤها للحزب وكونت خلية النساء لذلك أخذ فؤاد مسؤولية قيادة هذه الخلية بتدريبها وتعليمها المواد الماركسية من تطور المجتمع والاقتصاد السياسي وغيره ومن المهم جدا أنه كان دائما يهتم بان يقدم الحزب كل الاهتمام بيوم المرأة العالمي ودعم حركة النساء الديمقراطيات في كل برامجها ونشاطها وتقديم المحاضرات عن دور المرأة في المجتمع.
وهنا أود أن أجيب أحفادي والرفاق الذين يتساءلون لماذا لا يعرفون عن الرفاق الآخرين الذين قاموا بدورهم في الحزب ورحلوا عنا وهم كثر.علينا أن نعمل على اطلاع الرفاق عن كل الرفاق الذين ضحوا فمنهم من كان في زمن عصبة التحرر الوطني قارعوا الانتداب البريطاني وقارعوا الحكم العسكري والحكام والسجون، كثيرون منهم من قضى سنوات كثيرة في السجن ومنهم من خسر بيته وعائلته في النكبة يحق اكرامهم ولو أنهم موتى ويحق لرفاقنا أن يعرفوهم حتى يتعلموا منهم لأنهم أبطال في نضالهم ويستحقون تكريمهم. لا اريد أن أذكر الأسماء فأنا عشت معهم وواكبت نضالاتهم وعذرا منكم يا أهالي الرفاق اذا لم أذكر اسماءهم لكن آمل أن يعمل رفاقنا الموجودون حاليا على تخليد ذكراهم وتعليم الرفاق الصغار عنهم.
رفيقة دربه: سميرة خوري