وثّقت "هوية": شهادة حية على النكبة.. طفل الرملة الذي شهد مجزرة اللد وأمضى عمره في التشرد
عمان – 15/12/2025 – ضمن سلسلة توثيق روايات النكبة من جيل الناجين الأحياء، وثّقت "مؤسسة هوية" شهادة الحاج محمود محمد علي طومار (من مواليد الرملة 1945)، الذي كان طفلاً في الثالثة من عمره حين شهد بأم عينيه أحداث التهجير المروعة من مدينتي الرملة واللد عام 1948. شهادته، كذاكرة طفل تحولت إلى وثيقة تاريخية، تسرد رحلة التشرد .
من الرملة إلى اللد.. ثم المجزرة عند جامع دهمش
يبدأ الحاج محمود روايته قائلاً: "أتذكر أن اليهود دخلوا الرملة في شهر 7 من عام 1948. ذهبنا إلى اللد. ثاني يوم دخل اليهود اللد". في هذا الانتقال القسري، يحفر في ذاكرته مشهداً دامياً: "شاهدت الناس متجمعين عند **جامع دهمش**. أحد الأشخاص ألقى قنبلة على اليهود، عندها بدأ اليهود بإطلاق النار على الناس، وقتلوا الكثير منهم، وأسروا الشباب منهم".
من بين هؤلاء الشباب كان *والده*. يتابع الحاج محمود: "وأطلقونا نحن الصغار والنساء وكبار السن في سيارات إلى حدود الأردن".
رحلة التشرد: من البرد القارس إلى الأسر والرجاء الضائع
لم تكن الرحلة بسيطة. وصلوا أولاً إلى منطقة السخنة، التي يصفها بأنها "كانت باردة جداً". وبعد أشهر، خرج والده من الأسر، فعادت العائلة إلى **رام الله** لفترة. هنا، تكشف الذاكرة عن أمل ضائع: "أتذكر والدتي دفنت ذهبها وأوراقنا في البيت اللي سكنا في رام الله، لأننا كنا نظن أن هجرتنا قصيرة – أسبوع أو أسبوعين تقريباً – ونرجع".
لكن العودة لم تتحقق. يتابع سرد مسيرة التشرد: "بعدها أخذنا أبي إلى عمان، وسكنا **حي المهاجرين لمدة 5 سنوات**. وبعدها رحلنا إلى **مخيم الوحدات** لعام 1970. ولا بعده بنينا بيت في منطقة الإذاعة لغاية الآن".
الحنين: "الرملة ما بتروح عن بالي"
يختتم الحاج محمود طومار شهادته، كسابقه، بعبارة الحنين والأمل ذاتها التي تربط ملايين اللاجئين بأرضهم: **"أنا الرملة ما بتروح عن بالي. متمني أرجع الها"**.
**خلفية تاريخية:**
شهادة الحاج محمود تتطابق مع الروايات التاريخية لأحداث **الرملة واللد** في تموز/يوليو 1948، خلال عملية "داني". فبعد احتلال اللد في 11-12 تموز، حوصرت الرملة واستسلمت في 12 تموز. وقد تم **تهجير عشرات الآلاف** من سكان المدينتين قسراً في مسيرات قاسية تحت الشمس، فيما عرف بـ "مسيرة الموت"، أو نقلهم بشاحنات إلى خطوط الهدنة. حادثة **جامع دهمش** في اللد مذكورة في روايات الناجين كواحدة من الأحداث الأكثر دموية خلال تلك الأيام، حيث قتل وأسر العشرات. اليوم، يعيش أحفاد سكان الرملة واللد في مخيمات مثل الوحدات في الأردن، وفي الشتات، حاملين ذاكرة المدينتين وأمل العودة.
هذه الشهادة جزء من مشروع "مؤسسة هوية" التوثيقي لحفظ روايات النكبة من جيل الناجين الأحياء.
