آلاء قدورة ودينا آغا – صيدا
قمنا بزيارة الحاج محمد خالد الصالحالشهير بـ" أبو غالب الصالح" ( مواليد سنة 1921)، في منزله الكائن في صيدا وذلك يوم الخميس بتاريخ 14-7-2011 بهدف تسجيل ذكرياته عن الحياة في مسقط رأسه الصفصاف، ولجمع ما أمكن من شجرة عائلته كجزء من العمل ضمن المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية (هوية).
وهنا خلاصة ما تحمله ذاكرة الحاج ابو غالب عن بلدته:
حدود بلدة الصفصاف: تحيط بلدة الصفصاف قرى عديدة منها: ميرون من الجهة الجنوبية، الجش والرأس الأحمر من الشمال، غربها سعسع، وطيطباا وقديثا من شرقها، وكانت تقع على سهل.
عائلات البلدة: تعددت العائلات التي كانت تسكن أراضي الصفصاف وتنوعت منها آل شريدي وزغموت، حمد، يونس، صالح، فرهود، حوراني، وكردية حيث كانت بيوت هذه العائلات كما وصفها الحاج أبو غالب أنها "شأفة وحدة" وشبّه البيوت آنذاك وكأنها بناية من البنايات حاليا، كل الجدران متصلة ببعضها البعض كأنها منزل واحد، معمورة من التراب والصخور التي كانت تؤخذ من جبل قريب لهم، وكل الطرق في القرية ترابية إلا "طريق عام واحد" كان يمر على جانب الصفصاف، وطبعا، وككل قرية كانت وسيلة النقل التقليدية هي الدواب والخيل، ولكنها عرفت بجمالها حيث اعتبرت الجمال وكأنها "كميونات" أيامنا هذه.
دواوين البلدة: تعددت الدواوين كباقي القرى الفلسطينية، فكان لدار الصالح ديوان خاص بهم، وعند دار الزغموت، وحمد، وشريدي، ويونس، فلكل عائلة ديوان خاص بها وكان صاحب ديوان آل صالح عم الحاج أبو غالب الحاج أبو شفيق صالح"مصطفى صالح" ، وكان الذهاب إلى الديوان كذهابنا اليوم إلى السينما والمقاهي ، يجتمع فيها الرجال ويسهرون ويتحدثون لتمضية الوقت.
وكان مختار البلدة في ذلك الوقت "عبد الله الخالد" وغابت البلديات.
البلدة على الصعيد العلمي: يذكر الحاج أنه كان في الصفصاف مدرسة تقع غرب البلد، فيها للصف السادس وقد درس الحاج أبو غالب فيها، ومن أراد اكمال علمه كان يتوجه نحو صفد المدينة، ومن الأساتذة الذين يتذكرهم الحاج أبو غالب: الأستاذ "بديع"، "العباسي"، و"حكمت قدورة" ، ويرى الحاج أن المدرسة في الصفصاف لم تكن على كفاءة عالية في اعطاء العلم، ولكنها على الأقل كانت تعمل على تربية الأطفال وضبط سلوكهم، ولم تتردد إلى المدرسة سوى القليل القليل من الفتيات.
وفي البلدة مسجد واحد يقع في المنطقة الجنوبية وعرف شيخها بـ "سعيد عبد القادر".
ولم يكن في البلدة عيادة صحية، فقد درجت الطبابة العربية التقليدية، ولكن إن كانت الحالة عسيرة كان المريض ينقل إلى صفد.
الثروة المائية: عرفت البلدة بالينابيع وكانت النساء تقوم بنقل المياه بواسطة الجرار التي يحملنها من الينابيع إلى البيوت لتلبية حاجاتها، ولكنه يشير إلى أن دور النساء لم يقتصر على تأمين المياه وتنظيف البيت، بل كانت المرأة تعين الرجل في أعمال الزراعة والحصاد ، وأشر أبو غالب إلى أن روح التعاون والتفاهم والحب كانت يسكن قلوب أهالي البلدة جميعاً، بشكل أوضح وأقوى مما هو عليه الحال في أيامنا هذه.
أما الزراعة فأكثر ما كان يزرع في البلدة الدخان والتين والعنب والزيتون، كما عرفت الصفصاف بطرشها من أغنام وبقر.
وتعددت المهن واختلفت فكان النجار والحداد والخياط، ولكنهم إما من أهل البلدة يأتون حسب الطلب ، وإما يأتي من خارج البلدة يمكث بضعة أيام ثم يرحل، حياة بسيطة كلها مبنية على التعاون والحب.
وكما كان لكل عائلة ديوان خاص بها، ففي بلدة الصفصاف لكل عائلة جاهة خاصة بها، وذكر الحاج أيضا أن البلدة لم يكن فيها أحزاب ولا تنظيمات ولا فرق القرية قرية واحدة مجتمعة.
وبالنسبة للأعراس دائما ما كان يطلب الحدّا والمقرىء ولكنهم جميعا من خارج البلدة.
توقف حديثنا لاعطاء الحاج بعض الراحة، ثم استكملنا حديثنا عن رحلة 1948، فروى أن الصفصاف آخر بلدة سقطت في الجليل وفلسطين، جاء اليهود في الساعة السادسة مساء بصحبة الطائرات والدبابات واستمرت الاشتباكات حتى الساعة السادسة صباحا، اثنتا عشرة ساعة من اطلاق النار والدفاع متواصل، وقد بقي أهالي الصفصاف خلالها داخل البلدة.. كانت البواريد المستعملة انجليزية وفرنسية وألمانية. وعلى قول الحاج أبو غالب، وقد كان واحداً من المقاتلين والمدافعين عن البلدة، فإن اليهود قد خسروا حوالي 200 قتيل في الاشتباكات و 100 أو 110 أشخاص من البلدة .
وكان جيش الانقاذ في ذلك الوقت قد فتح الجبهة الشمالية وذلك بغية ايجاد مخرج للأهالي من البلدة، فمنهم من هاجر ومنهم من بقي في البلدة لفترة قصيرة، ولكن رغم ذلك سقطت البلدة، وكانت بنت جبيل أول محطة في لبنان فنام بعض الناس في الشوارع ، ومنهم من كان له معارف وأصدقاء، ومنهم من استأجر البيوت بالأموال، ثم رحّلوا إلى البرج الشمالي، وتوفرت الأطعمة من خبز وتمر وسمك مجفف، حيث مكث الحاج بضعة أشهر في البرج الشمالي، وبعدها نزح إلى عين الحلوة، وذلك حتى سنة 1982 حينما تلقى الضربة الأقوى أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان.. فتحجّر الناس من جديد ، منهم من توجه إلى مصر، والعراق،وسوريا، والاردن.
شجرة العائلة:
أما شجرة عائلة الصالح فكان لها نصيب من اللقاء، حيث ساعدنا الحاج أبو غالب ببناء شجرة العائلة بدءاً من الجد صالح وولده علي وولده صالح، أما أبناء صالح فهم: خالد، مصطفى، نزهة، عائشة، فطوم، وبكرية.
يقول الحاج محمد أنه عاصر جد أبيه أي علي وهذا الأخير قد عاش 120 سنة وتوفي حين كان عمر الحاج حوالي 8 سنوات، الجد علي عاش وتوفي ودفن في الصفصاف، وقد كان مزارعا يعمل في أرضه ويأكل منها.
صالح وهو جد الحاج محمد ولد في فلسطين وعاش فيها وقد كان فلاحا أيضا يعمل في الأرض وكان يملك الجمال التي تستخدم لنقل البضائع وكان يذهب للبيع في القرى والمدن المجاورة حتى أنه أنشأ سوق الصفصاف )يفتح يوم الجمعة(، تزوج من لطيفة شريدي من الصفصاف. توفي عن عمر 65 عاما ودفن في الصفصاف.
خالد وهو والد الحاج محمد من مواليد فلسطين وقد كان يعمل في الأرض أيضا تزوج من فاطمة علي الصالح وأنجب منها الحاج محمد ثم توفيت الحاجة فاطمة وهو صغير السن فتزوج خالد من أخت المرحومة فاطمة اسمها حمدة وأنجب منها: صالح، صلاح، فلاح، فايز، فواز، مفلح، فاطمة، صليحة، وصباح.
توفي خالد في لبنان ودفن في مقبرة صيدا.
أما مصطفى فهو من مواليد الصفصاف، عمل في الأرض مع أبيه وأخيه ، تزوج من ابنة عمه واسمها فاطمة الصالح وأنجب: شفيق، رفيق، وفيق، رفيقة، زهية، وشفيقة.
ومن زوجته الثانية وجيهة شحرور أنجب: سمير، سامر، محمد، عفاف، إنصاف، إسعاف، رباب، وسميرة.
توفي مصطفى في لبنان ودفن في مقبرة صيدا القديمة.
وقد تزوج الحاج محمد من لطيفة يوسف دعيبس من الصفصاف وأنجب منها: غالب، طالب، أحمد، محمود، جمال، منى، هناء، وهلا. وبعد وفاة الحاجة تزوج الحاج من وسام ياسين من بلدة الرأس الأحمر وأنجب منها: خالد، فاطمة، فايزة، وهندية.